للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

قالوا: والحجر الأسود من الجنَّة. والنُّحاس إذا اشتد سواده كان أثمن وأجود. فمن استنكر لون السواد فما في فرنجة والرُّوم والصقالبة من إفراط سبوطة الشعر والرّقّة والصهوبة، والحمرة في شعر الرأس واللِّحية، وبياض الحواجب والأشفار، أقبح وأسمج. وليس في السودان مُغْرَب، ليس المغرب إلا فيكم. ولا سواءٌ من لم تنضجه الأرحام وما جازت به حد التمام.

قالوا: ولنا بعد معرفةٌ بالتفلسف والنظر، ونحن أثقف الناس. ولنا في الأسرار حجة. ونحن نقول: إن الله تعالى لم يجعلنا سوداً تشويهاً بخلقنا، ولكن البلد فعل ذلك بنا. والحجة في ذلك أن في العرب قبائل سوداً كبني سليم بن منصور. وكلُّ من نزل الحَّرة من غير بني سليمٍ كلهم سود. وإنهم ليتخذون المماليك للرعي والسقاء، والمهنة والخدمة، من الأشبانيِّين ومن الروم نسائهم، فما يتوالدون ثلاثة أبطن حتى تنقلهم الحرّة إلى ألوان بني سليم. ولقد بلغ من أمر تلك الحرة أن ظباءها ونعمها، وهوامها وذبابه، وثعالبها وشاءها وحميرها، وخيلها، وطيرها كلها سودٌ. والسواد والبياض إنما من قبل خلقة البلدة، وما طبع الله عليه الماء

<<  <  ج: ص:  >  >>