للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

ما يهواه، ولم ينصر تالد الإخوان على الطارف، ولم ينصف المملول المبعد من المستطرف المقرِّب، ولم يخف أن تجتذبه العادة، وتتحكم عليه الطبيعة، فليرسم حججهما، ويصور صورهما، في كتابٍ مفرد أو لفظ مسموع، ثم يعرضهما على جهابذة المعاني وأطباء أدواء العقول، على ألا يختار إلا من لا يدري أيَّ النوعين يبغي، وعلى أيهما يحامي، وأيهما دواؤه وأيهما داؤه. فإن لم يستعمل ذلك بما فضل له من سكر سوء العادة، لم يزل متورِّطاً في الخطاء مغموراً بالذمّ.

سمعتك وأنت تريدني وكأنك تريد غيري، وكأنك تشير على من غير أن تنصَّني. وتقول: إني لأعجب ممن ترك دفاتر علمه متفرقة مبثوثة، وكراريس درسه غير مجموعة ولا منظومة، كيف يعرضها للتجرُّم، وكيف لا يمنعها من التفرُّق. وعلى أن الدفاتر إذا انقطعت حزامته، وانحل شداده، وتخرَّمت ربطه، ولم يكن دونه وقاية ولا جُنَّة، تفرق ورقه؛ وإذا تفرق ورقه اشتد جمعه، وعسر نظمه، وامتنع تأليفه، وربما ضاع أكثره. والدَّفّتان أجمع وضمُّ الجلود إليها أصون، والحزم لها أصلح. وينبغي للأشكال أن تُنظم وللأشباه أن تؤلَّف؛ فإن التأليف يزيد الأجزاء الحسنة حسنا، والاجتماع

<<  <  ج: ص:  >  >>