فجنْب " دندن " أحمل، والسوط في ظهر قاسمٍ أحسن، وأبدانهما تحت السياط أثبت، وإن أرواحهما أبقى، وهي بأرواح الكلاب أشبه، وإلى طبائع الضباب أقرب، وأرحامهم بالحمير أمسُّ، ومن يُشير فيهم بذلك أكثر، والأجر في ضربهم أعظم. فاستدم اللذَّة بطريق اللَّذّة، وضع الأمور في مواضعها يطُلْ سرورك بها.
إن عتاق الخيل وأحرار الطير أدق حسّاً، وأشدُّ اكتراثاً. والكوادن الغلاظ والمحامر الثقال، أكلُّ حسّاً وأقلُّ اكتراثاً. وليس الصَّبر بالصمت والسكوت، ولا بقلة الصِّياح والضُّموز. وقد يصيح تحت السوط من لا يقرُّ على صاحبه، ولا يدل على عورة نفسه. والكلب المضروب يجمع الصِّياح والهرب، والفرس العتيق يعدو ولا يصيح، والحافر كلَّه كظومٌ ضامز، والمخلب كلُّه ضجورٌ صيَّاح، والضَّجر في الخُفّ عامٌّ، والبخاتيُّ أضجر. فسمن الظّلف عامّ، وهو في الضأن أخفى، وكلّ مضروب هارب صيَّاح، ومنها ما يجمع الخصال كالكلب والبعير. والهرب من المكروه محمود، والمقام عليه مذموم؛ كالذي يعتري العير السقيم وتجده في الفرس الكريم، من قلة الاكتراث وشدته.