ومن هذا قال المغيرة بن شعبة: النعمة التي يعاش فيها نعمةٌ محروسة ليس عليها ثائر يغتالها، ولا ذو حسد يحتال في غيرها.
وقال قتيبة بن مسلم: خير الخير وأحصنه خيرٌ عيش فيه. وكلُّ خيرٍ كان يرضخ بذلاً كان من المتالف ممنوعاً، ومن الغير آمناً.
وحسَّاد النعمة إن أعطوا منها وتبحبحوا فيها، ازدادوا عليها غيظاً وبها إغراء.
والعداوة تُخلِقُ وتُمَلُّ، والحسد غضٌّ جديد، حرم أو أعطي، لا يبيد. فكلُّ حاسد عدو بحاسد. وإنما حمل اليهود على الكفر بمحمد صلى الله عليه وسلم - وهم يعرفونه كما يعرفون أبناءهم أنه نبيٌّ صادق ورسول محق، يقرءون بعثه في توراتهم، ويتدارسونه في بيت مدْراسهم - الحسد، وحجز بين علمائهم والإيمان به، ثم نتج لهم الحسد عداوته.
ومن الدليل على أن الحسد آلم وآذى وأوجع وأوضع من العداوة، أنه مُغرىً بفعل الله عزّ وجلّ، والعداوة عارية من ذلك لا تتصل إذا اتصلت إلا بأفعال العباد. ولا يُعادى على فعل الله تباركت أسماؤه. ألا ترى أنك لم تسمع أحداً عادى أحداً لأنه حسن الصورة جميل المحاسن، فصيح