صفِّين بين العرب محضةً لا شوب فيها، فكانت محاربتهم كداماً واعتناقاً، وكانوا إذا مرُّوا برجل جريحٍ كانوا يقولون: خذله قومه فانصروه، وألقاه دهره بمضْيعةٍ فردُّوه إلى أهله.
وقال ابن شُبرمة: مازلنا نسمع أن المصيبات تنزع السجيّات.
قال: وأنشدني بعض أهل العلم في هذا المعنى:
فلوْ بي بدأتم قبل من قد دعوتهم ... لفرّجتها وحدي ولو بلغتْ جهدي
إذا المرء ذو القربى وذو الحقد أجحفت ... به سنةٌ سلَّتْ مصيبته حقدي
ومنهم من رأى الإفضال على عدوّه وترك مجازاته. وهذا كثير لا يحتاج فيه إلى استقصاء شواهده.
قال غيْلان بن خرشة الضّبيّ - وقال بعضهم: بل الأحنف بن قيس - لا تزال العرب بخيرٍ ما لبست العمائم وتقلَّدت السيوف وركبت الخيل، ولم تأخذها حميّة الأوغاد. قيل: وما حميّة الأوغاد؟ قال: