وقال بعض الحكماء لأولاده: يا بني أصلحوا من ألسنتكم، فإنَّ الرجل لتنوبه النائبة فيستعير الدابة والثياب، ولا يقدر أن يستعير اللِّسان.
وقال شبيب بن شيبة ورأى رجلاً يتكلم فأساء القول، فقال: يا ابن أخي، الأدب الصالح خيرٌ من المال المضاعف.
وقال الشاعر:
وكائن ترى من صامتٍ لك مُعجبٍ ... زيادته أو نقصُه في التكلُّم
لسانُ الفتى نصفٌ ونصفٌ فؤاده ... فلم يبق إلا صورة اللحم والدَّم
فخذْ يا أمير المؤمنين أولادك بأن يتعلموا من كلِّ الأدب؛ فإنَّك إن أفردتهم بشيءٍ واحد ثم سئلوا عن غيره لم يحسنوه.
وذلك أنيّ لقيت حِزاماً حين قدم أمير المؤمنين من بلاد الرُّوم، فسألته عن الحرب كيف كانت هناك؟ فقال: لقيناهم في مقدار صحْن الإصطبل، فما كان بقدر ما يُحسُّ الرجل دابته حتى تركناهم في أضيق من ممْرغة. وقتلناهم فجعلناهم كأنهم أنابير سرجين،