اعلمْ، أرشد الله أمرك، أنَّ هذه الأمة قد صارت بعد إسلامها والخروج من جاهليَّتها إلى طبقاتٍ متفاوتة، ومنازل مختلفة: فالطبقة الأولى: عصر النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعُمر رضي الله عنهما، وستُّ سنين من خلافة عثمان رضي الله عنه؛ كانوا على التوحيد الصحيح والإخلاص المخلص، مع الألفة واجتماع الكلمة على الكتاب والسنة. وليس هناك عملٌ قبيحٌ ولا بدعةٌ فاحشة، ولا نزْع يدٍ من طاعةٍ، ولا حسدٌ ولا غلٌّ ولا تأوُّل، حتى كان الذي كان من قتل عثمان رضي الله عنه وما انْتُهك منه، ومن خبْطهم إيَّاه بالسلاح، وبعْج بطنه بالحراب، وفرى أوداجه بالمشاقص، وشدْخ هامته بالعمد، مع كفِّه عن البسْط، ونهيه عن الامتناع، مع تعريفه لهم قبل ذلك من كم وحهٍ يجوز قتْل من شهد الشهادة، وصلَّى القبلة، وأكل الذَّبيحة؛ ومع ضرب نسائه بحضْرته، وإقحام الرِّجال على حرمته، مع اتِّقاء نائلة بنت الفرافصة عنه بيدها، حتى