وغيرهم. وذلك إنْ كان كفراً كلُّه فلم يبلغ كفر نابتة عصرنا، وروافض دهرنا؛ لأنَّ جنس كفر هؤلاء غير كفر أولئك.
كان اختلاف الناس في القدر على أنَّ طائفةً تقول: كلُّ شيءٍ بقضاء وقدر، وتقول الطائفة الأخرى: كل شيءٍ بقضاءٍ وقدر إلاَّ المعاصي. ولم يكن أحدٌ يقول إنَّ الله يعذِّب الأبناء ليغيظ الآباء، وإنَّ الكفر والإيمان مخلوقان في الإنسان مثل العمى والبصر. وكانت طائفةٌ منهم تقول إنَّ الله لا يرى، لا تزيد على ذلك، فإنْ خافت أنْ يُظنَّ بها التشبيه قالت يُرى بلا كيفٍ، تعرِّياً من التَّجسيم والتَّصوير، حتَّى نبتت هذه النابتة، وتكلَّمت هذه الرَّافضة، فثبَّتتْ له جسماً، وجعلت له صورة وحدّاً، وأكفرتْ من قال بالرُّؤية على غير الكيفية.
ثم زعم أكثرهم أنَّ كلام الله حسن وبيِّن، وحُجَّةٌ وبرهان، وأنَّ التَّوراة غير الزَّبور، والزَّبور غير الإنجيل، والإنجيل غير القرآن، والبقرة غير آل عمْران، وأنَّ الله تولَّى تأليفه، وجعله برهانه على صدق رسوله، وأنَّه لو شاء أن يزيد فيه زاد، ولو شاء أن ينقص منه نقص، ولو شاء أن يبدِّله بدَّله، ولو شاء أن ينسخه كلَّه بغيره نسخه، وأنَّه أنزله تنزيلا، وأنَّه فصَّله تفصيلا، وأنَّه بالله كان دون غيره، ولا يقدر عليه إلا هو، غير أنَّ الله مع ذلك كلَّه لم يخلقْه. فأعطوا جميع صفات الخلْق ومنعوا اسم الخلق.
والعجب أنَّ الخَلْلق عند العرب إنما هو التقدير نفسه؛ فإذا قالوا خلق