ويضيق صدري، فآليت على نفسي إن صرت إلى أمرٍ من السُّلطان ألاَّ أحتجب أبداً.
وحدثني الزُّبير بن بكّار قال: استأذن نافع بن جُبير بن مُطعم على معاوية، فمنعه الحاجب فدقَّ أنفه، فغضب معاوية وكان جُبيرٌ عنده، فقال معاوية: يا نافع، أتفعل هذا بحاجبي؟ قال: وما يمنعنيمنه وقد أساء أدبه وأسأت اختياره؟! ثم أنا بالمكان الذي أنا به منك. فقال جُبير: فضَّ الله فاك، ألاَّ تقول: وأنا بالمكان الذي أنا به من عبد مناف؟! قال: فتبسَّم معاوية وأعرض عنه.
قال: وفد رجلٌ من الأكاسرة على بعض ملوكهم، فأقام ببابه حولاً لا يصل إليه، فكلَّم الحاجب فأوصل له رقعةً فيها أربعة أسطر:
السطر الأول فيه: الأمل والضرورة أقدماني إليك.
وفي الثاني: ليس على العديم صبرٌ على المطالبة.
وفي الثالث: الرجوع بلا فائدةٍ شماتة العدوِّ والقريب.
وفي الرابع: إمّا " نعمْ " مُثمرة، وإمّا " لا " مؤيسة، ولا معنى للحجاب بينهما.