لو ارتجع السلطان سالف أياديه البيض عنده، ونعمه السالفة عليه، لكان لذلك أهلاً، وله مستحقاً. قد غره الإملاء، وأبطره دوام الكفاية، وأفسده طول الفراغ. ومن صاحب فتنةٍ خاملٍ في الجماعة، رئيس في الفرقة، نعاق في الهرج، قد أقصاه السلطان، وأقام صغوه ثقاف الأدب، وأذله الحكم بالحق، فهو مغيظ لا يجد غير التشنيع، ولا يتشفى بغير الإرجاف، ولا يستريح إلا إلى الأماني، ولا يأنس إلا بكل مرجفٍ كذاب، ومفتون مرتاب، وخارصٍ لا خير فيه، وخالفٍ لا غناء عنده، يريد أن يسوَّى بالكفاة، ويرفع فوق الحماة، لأمرٍ ما سلف له، ولإحسانٍ كان من غيره، وليس ممن يرب قديماً بحديث، ولا يحفل بدروس شرف، ولا يفصل بين ثواب المحتسبين، وبين الحفظ لأبناء المحسنين.
وكيف يعرف فرق ما بين حق الذمام وثواب الكفاية، من لا يعرف طبقات الحق في مراتبه، ولا يفصل بين طبقات الباطل في منازله.