عند ذوي العدْل دون الاستماع منّا، وأنَّ كلَّ دعوى لا يفلُجُ صاحبها بمنزلة ما لم يكن، بل هي على المدَّعي كلٌّ وكربٌ حتَّى تؤدِّيه إلى مسّرة النُّجح أو راحة اليأس.
إلى أنْ تفاقم الأمر وعيل الصَّبر، وانتهى إلينا عيب عصابةٍ لو أمسكْنا عن الإجابة عنها والاحتجاج فيها، علماً بأنَّ من شأن الحاسد تهجين ما يحسد عليه، ومن خُلق المحروم ذمَّ ما حُرم وتصغيره والطَّعن على أهله كان لنا في الإمساك سعة. فإنّ الحسد عقوبةٌ موجبة للحاسد بما يناله منه ويشينه، من عصيان ربّه واستصغار نعمته، والسَّخط لقدره، مع الكرب اللازم والحزن الدائم، والتنفس صُعُداً، والتشاغل بما لا يُدرك ولا يُحصى. وأنَّ الذي يشكر فعلى أمرٍ محدودٍ يكون شكره، والذي يحسد فعلى ما لا حد له يكون حسده. فحسده متَّسع بقدر تغيُّر اتّساع ما جسد عليه. لأنّا خفنا أن يظنّ جاهل أنَّ إمساكنا عن الإجابة إقرار بصدق العضيهة، وأن إغضاءنا لذي الغيبة عجز عن دفعها.