هارون بن جعبويه، وحمْدونة أمّة نصر بن السِّنديِّ بن شاهك ثم كنّ يبرزْن للناس أحسن ما كنَّ وأشبه ما يتزيَّنَّ به، فما أنكر ذلك منكرٌ ولا عابه عائب.
ولقد نظر المأمون إلى سُكَّر فقال: أحُرَّةٌ أنت أم مملوكة؟ قالت: لا أدري، إذا غضبتْ عليَّ أمُّ جعفر قالت: أنت مملوكة، وإذا رضيتْ قالت: أنت حُرَّة. قال: فاكتبي إليها السَّاعة فاسأليها عن ذلك. فكتبتْ كتاباً وصلته بجناح طائرٍ من الهُدَّى كان معها، أرسلتْه تعلم أمَّ جعفرٍ ذلك، فعلمت أمُّ جعفرٍ ما أراد فكتبتْ إليها:" أنت حُرَّة ". فتزوّجها على عشرة آلاف درهم، ثم خلا بها من ساعتها فواقعها وخلَّى سبيلها، وأمر بدفع المال إليها.
والدَّليل على أنَّ النَّظر إلى النساء كلِّهنَّ ليس بحرام، أنَّ المرأة المعنَّسة تبرز للرِّجال فلا تحتشم من ذلك. فلو كان حراماً وهي شابَّةٌ لم يحلَّ إذا عُنِّستْ، ولكنَّه أمرٌ أفرط فيه المتعدُّون حدَّ الغيرة إلى سوء الخُلق وضيق العطن، فصار عندهم كالحقّ الواجب.