للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم قد يجتمع الحبُّ والهوى ولا يسمَّيان عشقاً، فيكون ذلك في الولد والصديق والبلد، والصِّنف من اللِّباس والفرش والدوابّ. فلم نر أحداً منهم يسقم بدنه ولا تتلف روحه من حبّ بلده ولا ولده، وإن كان قد يصيبه عند الفراق لوعةٌ واحتراق.

وقد رأينا وبلغنا عن كثير ممن تلف وطال جُهده وضناه بداء العشق.

فعلم أنّه إذا أضيف إلى الحبّ والهوى المشاكلة، أعني مشاكلة الطبيعة، أي حبّ الرجال النساء وحبَّ النساء الرجال، المركَّب في جميع الفحول والإناث من الحيوان، صار ذلك عشقاً صحيحاً. وإن كان ذلك عشقاً من ذكر لذكرٍ فليس إلا مشتقّاً من هذه الشهوة، وإلاّ لم يسمَّ عشقاً إذا فارقت الشهوة.

ثم لم نره ليكون مستحكماً عند أوَّل لُقياه حتَّى يعقد ذلك الإلف، وتغرسه المواظبة في القلب، فينبت كما تنبت الحبّة في الأرض حتَّى تستحكم وتشتد وتثمر، وربّما صار لها كالجذع السَّحوق والعمود الصُّلب الشديد. وربما انعقف فصار فيه بوار الأصل. فإذا اشتمل على هذه العلل صار عشقاً تاماً.

<<  <  ج: ص:  >  >>