ثم أخبرته أنّها لا تنام شوقاً إليه، ولا تتهنَّأ بالطعام وجداً به، ولا تملُّ - إذا غاب - الدُّموع فيه، ولا ذكرتْه إلا تنغَّصت، ولا هتفت باسمه إلاّ ارتاعت، وأنَّها قد جمعت قنِّينةً من دموعها من البكاء عليه، وتنشد عند موافاة اسمه بيت المجنون:
أهوى من الأسماء ما وافق اسمها ... وأشبهه، أو كان منه مُدانيا
وعند الدُّعاء به قوله:
وداعٍ دعا إذْ نحن بالخيف من منىً ... فهيَّج أحزان الفؤاد وما يدري
دعا باسم ليلى غيرها فكأنّما ... أطار بليلى طائراً كان في صدري
وربما قادها التمويه إلى التصحيح، وربَّما شاركت صاحبها في البلوى حتَّى تأتي إلى بيته فتمكِّنه من القبلة فما فوقها، وتُفرشه نفسها إن استحلَّ ذلك منها، وربَّما جحدت الصناعة لترحض عليه، وأظهرت العلّة والتاثت على الموالي، واستباعت من السادة، وادَّعت الحريّة احتيالاً لأن يملكها، وإشفاقاً أن يجتاحه كثرة ثمنها، ولا سيمّا إذا صادفْته حلو الشمائل، رشيق الإشارة، عذب اللَّفظ، دقيق الفهم، لطيف الحسّ، خفيف الرُّوح. فإن كان يقول الشعر ويتمثَّل به أو يترنَّم كان أحظى له عندها.