عشقه، ونقص من برِّه ورفده بقدر ما نقص من عشقه. فما الذي يحمل المقيِّن على أن يهبك جاريته، ويكسر وجهه ويصرف الرغبة عنه.
ولولا أنه مثلٌ في هذه الصناعة الكريمة الشريفة لم يسقط الغيرة عن جواريه ويعنى بأخبار الرقباء، ويأخذ أجرة المبيت ويتنادم قبل العشاء، ويعرض عن الغمزة، ويغفر القبلة، ويتغافل عن الإشارة، ويتعامى عن المكاتبة، ويتناسى الجارية يوم الزِّيارة، ولا يُعاتبها على المبيت، ولا يفضُّ ختام سرّها، ولا يسألها عن خبرها في ليلها، ولا يعبأ بأن تُقفل الأبواب، ويُشدَّد الحجاب، ويُعدّ لكلّ مربوطٍ عُدَّةً على حدة، ويعرف ما يصلح لكلِّ واحدٍ منهم، كما يميّز التاجر أصناف تجارته فيسعِّرها على مقاديرها. ويعرف صاحب الضياع أراضيه لمزارع الخضر والحنطة والشعير. فمن كان ذا جاهٍ من الرُّبطاء اعتمد على جاهه وسأله الحوائج. ومن كان ذا مالٍ ولا جاه له استقرض منه بلا عينة. ومن كان من السُّلطان بسببٍ كُفيت به عادية الشُّرط والأعون، وأُعلنت في زيارته الطبول والسَّرانيّ، مثل سلمة