وذوو القدر والشرف فيهم. ولكنَّ الله منع نبيَّه صلى الله عليه وسلم ذلك، وجعل الخطَّ فيه دنيَّة، وصدَّ العِلْم به عن النبوَّة. ثم صيَّر الملك في ملكه، والشَّريف في قومه يتبجَّج برداءة الخط، وينبل بشنج الكتاب. وإنَّ بعضهم كان يقصد لتقبيح خطَّه وإنْ ككان حلواً، ويرتفع عن الكتاب بيده - وإن كان ماهراً، وكان ذلك عليه سهلاً - فيكلِّفه تابعه، ويحتشم من تقليده الخطير من جلسائه.
وكتب أحمد بن يوسف يوماً بين يدي المأمون خطّاً أعجبه فقال: وددت والله أنِّي كتبت مثله وأنِّي مُغرَّمٌ ألف ألف. فقال له أحمد بن يوسف: لا تأسَ عليه يا أمير المؤمنين، فإنَّه لو كان حظّاً ما حُرمه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ومع ذلك إنَّ سنخ الكتابة بُني على أنّه لا يتقلَّدها إلاّ تابع، ولا يتولاها إلاّ من هو في معنى الخادم. ولم نر عظيماً قطُّ تولَّى كفاية نفسه،