ومن الدليل على نذالة طبعهم، والعلم بفسالة رأيهم، تقديمهم بالفضل لمن لا يفهمونه، وقضاؤهم بالعلم لمنلا يعرفونه، حتَّى إنهم يضربون بالكاتب فيما بينهم المثل، ويحكمون له بالبصيرة في الأدب، على غير مُعاشرةٍ جرتْ بينهم، ولا محبّة ظهرت له منهم. ليس إلاّ أنَّ هممهم صغرت عنهم، وامتلأت قلوبهم منهم، فصار المحفوظ من أقوالهم، والذي يدينون به من مذاهبهم: كيف لا يأمن فلانٌ الخطأ مع جلالته، وكيف ينساغ لأحدٍ تجهيله مع نبله. فإنْ وُقفوا على تمييزه هابوه، وإن دُعوا إلى تفهُّمه أكبروه، وقالوا: لم يُنصب هذا بموضعه إلاَّ لخاصَّةٍ فيه وإن جهلناها، وفضيلةٍ موسومة وإن قصر علمنا عنهم. ولعلَّه عُمر بن فرجٍ في السَّفه والمباهتة، وإبراهيم بن العبَّاس في الشَّره والرَّقاعة، ونجاح بن سلمة في الطَّيش والسخافة، وأحمد بن الخصيب في اللُّؤم والجهالة، وآل وهب في النَّهم والنَّذالة،