الحمد لله، وعلى اسم الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله، وصلى الله على سيدنا محمد خاصة، وعلى أنبيائه عامة.
كان وجه التدبير في جملة القول في البغال، أن يكون مضموما إلى جملة القول في الحافر كله، فيصير الجميع مصحفاً تاما، كسائر مصاحف " كتاب الحيوان ". والله المقدر والكافى.
وقد منع من ذلك ما حدث من الهم الشاغل، وعرض من الزماتة، ومن تخاذل الأعضاء، وفساد الأخلاط، وما خالط اللسان من سوء التبيان، والعجز عن الإفصاح، ولن تجتمع هذه العلل في إنسانٍ واحد، فيسلم معها العقل سلامةً تامةً.
وإذا اجتمع على الناسخ سوء إفهام المملى، مع سوء تفهم المستملى، كان ترك التكلف لتأليف ذلك الكتاب أسلم لصاحبه من تكلف نظمه على جمع كلِّ البال، واستفراغ كلِّ القوى.
فأما الهمّة وتشعب الخواطر المانعة من صحة الفكر، واجتماع البال، فهذا ما لابدَّ من وقوعه.
فليكن العذر منك على حسب الحال، والخيرة فيما صنع الله. وقد علمنا أن الخيرة مقرونة بالكره، وبالله التوفيق.