ومُلحة، أنه سيشيع، ويجري عند الناس مجْرى الخبر عن أمّ حبيبة وصفيّة. ولو عرف الذي اخترع هذا الحديث طاعة الناس لعائشة - رضي الله عنها - لما طمع في جواز هذا عنه.
وقال عليّ بن أبي طالب - كرم الله وجهه -: " مُنيتُ بأربعة: مُنيت بأشجع الناس، يعني الزُّبيْر؛ وأجود الناس، يعني طلْحة؛ وأنضّ الناس، يعني يعْلى بن مُنْية؛ وأطوع الناس في الناس، يعني عائشة ".
ومن بعد هذا، فأيُّ رئيس قبيلٍ من قبائل قريش كانت تبعث إليه عائشة - رضي الله عنها - رسولاً فلا يُسارع، أو تأمره فلا يُطيع، حتى احتاجت أن تركب بنفسها؟ وأيّ شيء كان قبل الركوب من المراسلة والمراوضة والمُدافعة والتقديم والتأخير، حتى اضطرَّها الأمر إلى الرُّكوب بنفسها؟ وإنّ شرّاً يكون بين حيَّيْن من أحياء قريش، تفاقم فيه الأمر، حتى احتاجت عائشة - رضي الله عنها - إلى الركوب فيه، لعظيم الخطر، مُستفيض الذِّكر؛ فمن هذا القبيلان؟ ومن أيّ ضرْبٍ كان هذا الشرّ؟ وفي أيّ شيءٍ كان؟ وما سببه؟ ومن نطق من جميع رجالات قريش فعصوه وردُّوا قوله، حتى احتاجت عائشة فيه إلى الركوب؟ ولقد ضربوا قواديم الجمل، فلما برك ومال الهودج صاح الفريقان:" أُمَّكم! أُمَّكم ".