وأجمعوا على أنهم لم يجدوا كلمة أقل حرفاً ولا أكثر ريعاً، ولا أعم نفعاً، ولا أحث على بيان، ولا أدعى إلى تبين، ولا أهجى لمن ترك التفهم وقصر في الإفهام، من قول أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضوان الله عليه:" قيمة كل امرىء ما يحسن ".
وقد أحسن من قال:" مذاكرة الرجال تلقيح لألبابها ".
وكرهت الحكماء الرؤساء، أصحاب الاستنباط والتفكير، جودة الحفظ، لمكان الاتكال عليه، وإغفال العقل من التمييز، حتى قالوا:" الحفظ عذق الذهن ". ولأن مستعمل الحفظ لا يكون إلا مقلداً، والاستنباط هو الذي يفضي بصاحبه إلى برد اليقين، وعز الثقة.
والقضية الصحيحة والحكم المحمود: أنه متى أدام الحفظ أضر ذلك بالاستنباط، ومتى أدام الاستنباط أضر ذلك بالحفظ، وإن كان الحفظ أشرف منزلة منه.
ومتى أهمل النظر لم تسرع إليه المعاني، ومتى أهمل الحفظ