للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أبو محمد أما من قال هو مخير فقد أمره باتباع الهوى وذلك حرام وأخطأ بلا شك وجعل الدين مردودا إلى اختيار الناس يعمل بما شاء وأجاز فيه الاختلاف والله تعالى يقول {أفلا يتدبرون لقرآن ولو كان من عند غير لله لوجدوا فيه ختلافا كثيرا} وقال تعالى {وأطيعوا لله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم وصبروا إن لله مع لصابرين} وقال تعالى {فإن لم يستجيبوا لك فعلم أنما يتبعون أهوآءهم ومن أضل ممن تبع هواه بغير هدى من لله إن لله لا يهدي لقوم لظالمين} فالاختلاف ليس من أمر الله تعالى الذي أباحه وأمر به وقد علمنا أن حكم الله تعالى في الدين حكم واحد وأن سائر ذلك خطأ وباطل فقد خيره هذا القائل في أخذ الحق أو تركه وأباح له خلاف حكم الله تعالى وهذا الباطل المتيقن بلا شك فسقط هذا القول

بالبرهان الضروري

وأما من قال يأخذ بالأثقل فلا دليل على صحة قوله أيضا وكذلك قول من قال يأخذ بالأخف وكل قول بلا دليل فهي دعوى ساقطة فإن احتج بقول الله عز وجل {شهر رمضان لذي أنزل فيه لقرآن هدى للناس وبينات من لهدى ولفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر يريد لله بكم ليسر ولا يريد بكم لعسر ولتكملوا لعدة ولتكبروا لله على ما هداكم ولعلكم تشكرون} فقد علمنا أن كل ما ألزم الله تعالى فهو يسر وبقوله تعالى {وجاهدوا في لله حق جهاده هو جتباكم وما جعل عليكم في لدين من حرج ملة أبيكم إبراهيم هو سماكم لمسلمين من قبل وفي هذا ليكون لرسول شهيدا عليكم وتكونوا شهدآء على لناس فأقيموا لصلاة وآتوا لزكاة وعتصموا بلله هو مولاكم فنعم لمولى ونعم لنصير} قال أبو محمد والذي نقول به وبالله تعالى التوفيق إنه إن أفتاه فقيهان فصاعدا بأمور مختلفة نسبوها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو غير فاسق بتركه قبول شيء منها لأنه إنما يلزمه ما ألزمه النص في تلك المسألة وهو لم يدره بعده فهو غير آثم بتركه ما وجب مما لم يعلمه لكنه يتركهم ويسأل غيرهم ويطلب الحق مثال ذلك رجل سأل كيف أحج فقال له فقيه أفرد فهكذا فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجته التي لم يكن له بعد الهجرة غيرها وقال له آخرون اقرن فهكذا فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجته التي لم تكن له بعد الهجرة غيرها وقال له آخرون تمتع فهكذا فعل رسول الله

<<  <  ج: ص:  >  >>