للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صار حاكما بتحريم شيء وتحليله في وقت واحد وجعل حكم الله تعالى مردودا إلى حكم ذلك المفتي وجعل حكم ذلك المفتي مبطلا لحكم الله تعالى ولحكم رسوله صلى الله عليه وسلم وجعل دين الله تعالى موكولا إلى آراء الرجال ومتبدلا بتبدل الفتاوى فمرة ساقطا ومرة لازما وفي هذا مفارقة الإسلام ومكابرة العقل وإبطال الحقائق وبالله تعالى التوفيق والناس فيما يعتقدونه ولا يخلون من أحد أربعة أوجه لا خامس لها إما أن يكون المرء طلب الصواب فأداه اجتهاده إلى الصواب حقا فاعتقده على بصيرة وإما أن يكون طلب الصواب فحرم إدراكه لبعض العوارض التي سبقت له في علم الله تعالى وإما أن يكون قلد فوافق في تقليده الصواب وإما أن يكون قلد فوافق في تقليده الخطأ فأما الوجهان الأولان فقد قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن من اجتهد فأصاب فله أجران وأن من اجتهد فأخطأ فله أجر وقوله صلى الله عليه وسلم إذا اجتهد الحاكم عموم لكل مجتهد لأن كل من اعتقد في مسألة ما حكما ما فهو حاكم فيها لما يعتقد هذا هو اسمه نصا لا تأويلا لأن الطلب غير الإصابة وقد يطلب من لا يصيب على ما قدمنا ويصيب من لا يطلب فإذا طلب أجر فإذا أصاب فقد فعل فعلا ثانيا يؤجر عليه أجرا ثانيا أيضا فإن أشكل عليه بعد طلبه فلم يأت محرما عليه ولا اعتمد معصية فلا إثم عليه ولم يفعل ما أمر به من الإصابة فلا أجر له فيما لم يفعل وله بالطلب أجر

واحد ولكن الطلب يختلف فمنه طلب أمر به وطلب لم يؤمر به فالطلب الذي أمر به هو الطلب في القرآن والسنن ودليلهما فمن طلب في هذه المعادن الثلاثة فقد طلب كما أمر فله أجر الطلب لأنه مؤد لما أمر به منه على ما ذكرنا

والطلب الذي لم يؤمر به هو الطلب في القياس وفي دليل الخطاب

<<  <  ج: ص:  >  >>