للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القنطار ههنا كذكره السبعين استغفارة في قوله تعالى {ستغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر لله لهم ذلك بأنهم كفروا بلله ورسوله ولله لا يهدي لقوم لفاسقين}

وقد سبق في علم الله تعالى أنه سيبين مراده من ذلك أنه تعالى لا يقبل استغفاره لهم أصلا وقد قلنا غير مرة إن مثل هذا السؤال فاسد وأنه تعالى لا يسأل عما يفعل ونحن نسأل عن كل فعلنا وقولنا وأما قوله تعالى {ونضع لموازين لقسط ليوم لقيامة فلا تظلم نفس شيئا وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين} وقوله تعالى {فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره * ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره} فإنما علمنا عموم ذلك كله فيما دون الذرة وما فوقها من قوله تعالى {ووضع لكتاب فترى لمجرمين مشفقين مما فيه ويقولون يويلتنا ما لهذا لكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها ووجدوا ما عملوا حاضرا ولا يظلم ربك أحدا} وبقوله تعالى {فستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى بعضكم من بعض فلذين هاجروا وأخرجوا من ديارهم وأوذوا في سبيلي وقاتلوا وقتلوا لأكفرن عنهم سيئاتهم ولأدخلنهم جنات تجري من تحتها لأنهار ثوابا من عند لله ولله عنده حسن لثواب} وبقوله تعالى {فكيف إذا جمعناهم ليوم لا ريب فيه ووفيت كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون} فهذه الآيات بينت أن ما فوق الذرة والخردلة وما دونها محسوب كل ذلك ومجازى به وكذلك قوله تعالى {يبني إنهآ إن تك مثقال حبة من خردل فتكن في صخرة أو في لسماوات أو في لأرض يأت بها لله إن لله لطيف خبير} فإنما علمنا العموم في ذلك من قول الله تعالى {وما من دآبة في لأرض إلا على لله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها كل في كتاب مبين} فشمل تعالى جميع أرزاق الحيوان في هذه الآية فدخل في ذلك ما هو دون الخردلة وما فوقها وقد أجاب أبو بكر بن داود عن هذا السؤال أن قال إن الذي هو فوق الذرة ذرة وذرة وهكذا ما زاد لأنه زاد على الذرة بعض ذرة فذاك البعض إذا أضيف إلى أبعاض الذرة جاء من ذلك مقدار الذرة وأما ما دون مثقال الذرة فحكمه مأخوذ من غير هذا المكان قال علي وهذا جواب صحيح ضروري والذي نعتمد عليه

عموما في جميع هذا الباب فهو الذي قلنا آنفا وأن المرجوع إليه في كل ما جرى هذا المجرى نصوص أخر

أو إجماع متيقن أو ضرورة المشاهد بالحواس والعقل فقط فإن لم نجد نصا ولا إجماعا ولا ضرورة اقتصرنا على ما جاء به

<<  <  ج: ص:  >  >>