أجل وجودنا ألفاظا كثيرة قد قام الدليل على أنها مخصوصة ولكن القوم يسوموننا إذا وجدنا لفظا منقولا عن موضوعه في اللغة أن نحكم بذلك في كل لفظ وفي هذا إبطال اللغة كلها وإبطال التفاهم وإيجاب للحكم بلا دليل والدليل الذي قام على تخصيص ما ذكروا علمنا أنه لو أراد به العموم لكان كاذبا وأما لو أمكن أن يكون صادقا لما انتقل عن عمومه إلا بدليل قال علي وقالوا أيضا قد اتفقنا
على وجوب استعمال الخطاب على بعض ما اقتضاه واختلفنا في سائره فلا يلزمنا إلا ما اتفقنا عليه قيل لهم وبالله تعالى التوفيق هذا اعتراض فاسد من وجوه كثيرة أحدها أنه خلاف النصوص والعقول والإجماع لأن الأمة مجمعة والعقول قاضية والنصوص من
القرآن والسنن واردة كل ذلك متفق أن ما قام عليه دليل برهاني فواجب المصير إليه وإن اختلف الناس فيه وواجب ألا نقتصر على ما أجمع عليه دون ما اختلف فيه إلا في المسائل التي لا دليل عليها إلا الإجماع المجرد المنقول إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأيضا فقد قال تعالى {يا أيها لذين آمنوا أطيعوا لله وأطيعوا لرسول وأولي لأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى لله ولرسول إن كنتم تؤمنون بلله وليوم لآخر ذلك خير وأحسن تأويلا} فأمر تعالى عند التنازع بالرد إلى القرآن والسنة ودلائلهما قد قامت بوجوب حمل الألفاظ على موضوعها في اللغة وأيضا فإن هذا من سؤالات اليهود إذ قالوا قد وافقتمونا على نبوة موسى عليه السلام وخالفناكم في نبوة محمد صلى الله عليه وسلم وهذا سؤال فاسد لأن الدلائل التي أوجبت تصديق موسى عليه السلام هي التي أوجبت تصديق محمد صلى الله عليه وسلم فإن لم يجب بها تصديق نبوة محمد صلى الله عليه وسلم لم يجب بها تصديق نبوة موسى عليه السلام وكذلك الدلائل التي دلت