سمعت العباس بن عبد المطلب يقول قلت يا رسول الله إن أبا طالب كان يحوطك وينصرك فهل نفعه ذلك قال نعم وجدته في غمرات من النار فأخرجته إلى ضحضاح وقد رواه أيضا وكيع ويحيى بن سعيد القطان عن سفيان الثوري عن عبد الملك بن عمير بالسند المذكور ورواه أيضا عبد الله بن خباب عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم في أبي طالب قال لعله تنفعه شفاعتي يوم القيامة فيجعل في ضحضاح من النار يبلغ كعبيه يغلي منها دماغه قال أبو محمد قال الله تعالى {ولنذيقنهم من لعذاب لأدنى دون لعذاب لأكبر لعلهم يرجعون} وقال تعالى {لنار يعرضون عليها غدوا وعشيا ويوم تقوم لساعة أدخلوا آل فرعون أشد لعذاب} وقال تعالى {إن لمنافقين في لدرك لأسفل من لنار ولن تجد لهم نصيرا} فصح بالضرورة أنه لا أشد إلا بالإضافة إلى ما هو أقل منه وأن الدرك الأسفل له درك أعلى لأن كل ذلك من باب الإضافة وصح يقينا بقوله تعالى {ومن جآء بلسيئة فكبت وجوههم في لنار هل تجزون إلا ما كنتم تعملون} أن الناس في الجنة يتفاضلون على مقدار أعمالهم وأنهم في النار أشد عذابا من بعض والنصوص التي ذكرناها تشهد بذلك وصح أن من عمل خيرا وهو كافر ثم أسلم فإن ذلك الخير محسوب له مكتوب وهو مثاب عليه ومأجور وأن من عمل سوءا
في كفره ثم أسلم ولم يقلع عن تلك السيئات فإنها كلها مكتوبة عليه محسوبة وهو معاقب عليها وهذا نص كلام الله تعالى الذي تلونا ونص فتيا النبي صلى الله عليه وسلم إذ سئل عن ذلك وهذا ما لا يحل لأحد خلافه وقد اعترض قوم في مخالفة ذلك بقوله تعالى {قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف وإن يعودوا فقد مضت سنة الأولين} قاله أبو محمد وهذا لا حجة فيه بل هو حجة لنا لأنه إنما نص أنه إنما يغفر ما انتهى عنه ومن تمادى على إساءته في إسلامه فلم ينته فلم يستحق أن