قال أحمدُ بنُ أبي الحواري: إنيِّ لأقرأُ القرآنَ، فأنظرُ في آية آيةٍ، فيحارُ
فيها عَقْلي، وأعجبُ من حُفَّاظِ القرآنِ، كيف يهنيهمُ النّومُ، ويسعُهُم أن
يشْتَغِلُوا بشيءٍ من الدُّنيا، وهم يتلونَ كلامَ اللَّهِ!!
أمَا لو فهِمُوا ما يتلونَ، وعَرفُوا حقَّه، وتلذَّذُوا بِهِ، واستحلوا المناجاةَ بِهِ، لذهبَ عنهم النومُ، فَرحًا بما قدْ رُزِقوا.
قال ابنُ مسعودٍ. لا يسألُ أحدٌ عن نفسِهِ غيرَ القرآنِ، فمن كانَ يحبُّ
القراَنَ فهُوَ يحبُّ اللهَ ورسولَهُ.
قال سهل التستريُّ: علامةُ حُبِّ اللَّهِ، حُبُّ القرآنِ.
وقال أبو سعيدٍ الخراز: مَن أحبَّ اللَّهَ أحبَّ كلامَ اللهِ، ولم يشبَع من
تلاوتهِ.
ويُروى عن معاذ قالَ: سيبلى القرآنُ في صدُورِ أقوامٍ، كما يبْلى الثوبُ.
فيتهافتُ، فيقرءونه لا يجدون له شهوةً.
وعن حذيفةَ قالَ: يوشِكُ أن يدرُسَ الإسلامُ، كما يدرسُ وشيُ الثوبِ.
ويقرأُ الناسُ القرآنَ لا يجدونَ له حلاوةً.
وعن أبي العَاليةَ قالَ: سيأْتي على الناسِ زمان، تخربُ فيه صدورُهم من
القرآنِ، وتبلَى كما تبْلى ثيابُهم، وتهافَت فلا يجدُون له حلاوةً، ولا لذاذةً.
قال أبو محمد الجريري - وهو من أكابرِ مشايخ الصوفيّةِ -: من استولْت
عليهِ النفسُ، صارَ أسيرًا في حكم الشَّهواتِ، محصُورًا في سجنِ الهوَى.
فحرَّم اللَّهُ على قلبِهِ الفوائدَ، فلا يستلذُّ بكلامِهِ، ولا يستحلِيهِ، وإنْ كثُرَ
تردادُه على لسانِه.
وذُكِرَ عند بعضِ العارفينَ أصحابُ القصائدِ، فقالَ: هؤلاءِ
الفرارُونَ من اللهِ عز وجل، لو ناصحُوا اللَّهَ، وصدَّقُوه، لأفادَهُم في