وقد رُويَ من حديثِ عمرانَ بن حصينٍ وغيرِه "أنَّ رجلاً دخلَ على النبيِّ
- صلى الله عليه وسلم - فقاَلَ: السلامُ عليكم، فقالَ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -: "عشر"، ثم جاءَ آخرُ فقالَ: السلامُ عليكُم ورحمةُ اللَّهِ، فقالَ رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - "عشرونَ ".
ثم جاءَ آخرُ فقال: السلامُ عليكُم ورحمةُ اللَّهِ وبركاتهُ، فقالَ رسول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - "ثلاثون "
خرَّجهُ الترمذيُّ وغيرُه، وخرَّجهُ أبو داود وزادَ
"ثمَ جاءَ آخرُ فقالَ: السلامُ عليكُم ورحمةُ اللَّهِ وبركاتهُ ومغفرتهُ، فقالَ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - "أربعون "، ثم قالَ: "هكذا تكون الفضائل ".
وقد سبقَ حديثُ
"أنْ تقرأ السلامَ على من عرفتَ ومن لم تعرفْ "
وفي حديثِ ابن مسعود مرفوعًا
"من أشراطِ الساعةِ السلامُ بالمعرفةِ "
خرَّجهُ الإمامُ أحمد.
وإنما جمعَ بينَ إطعامِ الطعامِ ولين الكلامِ ليكملَ بذلكَ الإحسانُ إلى الخلقِ
بالقولِ والفعلِ فلا يتمُّ الإحسانُ بإطعامِ الطعامِ إلا بلينِ الكلامِْ وإفشاءِ
السلامِ، فإنْ أساءَ بالقولِ بطلَ الإحسانُ بالفعلِ من الإطعامِ وغيرِه كما قالَ اللَّهُ تعالي: (يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تبْطِلُوا صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالأَذَى) .
وربما كانَ معاملةُ الناسِ بالقولِ الحسنِ أحبَّ إليهم من إطعامِ الطعامِ
والإحسانِ بإعطاءِ المال، كما قالَ لقمانُ لابنهِ: يا بنيَّ لأن تكنْ كلمتُكَ طيبةً
ووجهُكَ منبسطَا تكنْ أحبَّ إلى الناسِ ممن يعطِيهِم الذهبَ والفضةَ، وقد كانَ
النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يلينُ القولَ حتى لمن يشهدُ له بالشر فينتفي بذلكَ شرُّهُ، وكانَ - صلى الله عليه وسلم - لايواجهُ أحدًا بما يكرهُ في وجهِهِ ولم يكنْ - صلى الله عليه وسلم - فحاشًا ولا متفحشًا.
ورُويَ عن ابن عمرَ أنَّه كانَ ينشدُ: