للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في تمامِ حديثيهما ما يدل على أن المرادَ به المساكينُ من المال؛ لأنهُ ذكرَ سبقَهم الأغنياء إلى الجنةِ مع أنَّ في إسنادِ الحديثين ضعفًا، وقد خُيِّرَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بينَ أن يكونَ نبيًّا ملكًا أو عبدًا رسولاً فأشارَ إليهِ جبريلُ أنْ تواضعَ، فقالَ: بل عبدًا رسولاً، وكانَ بعدَ ذلكَ لا يأكلُ متكئًا ويقولُ: "آكل كما يأكلُ العبدُ وأجلسُ كما يجلسُ العبدُ".

قالَ الحسنُ: قالَ رسولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -:

"فأعطاني اللهُ لذلكَ أن جعلَني سيدَ ولدِ آدمَ وأولَ شافع وأولَ مشفع وأولَ من تنشقُّ عنه الأرضُ "

وصحَّ عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قالَ:

"إنَّما أنا عبدٌ فقولوا عبدُ اللَّهِ ورسولُه "

فأشرفُ أسمائهِ عبدُ اللَّهِ ولهذا سُمِّي بهذا الاسم في القرآنِ في أفخرِ مقاماتِه، فلما حققَ - صلى الله عليه وسلم - عبوديته لربِّه حصلتْ له

السيادةُ على جميع الخلقِ.

كانَ كثير من العارفينَ يقولُ في مناجاتهِ لربِّه:

كفى بي فخرًا أنِّي لكَ عبدٌ وكفَى بي شرفًا أنكَ لي ربٌّ.

وكانَ بعضُهُم يقولُ:

كلَّما ذكرتُ أنه ربِّي وأنا عبدُه حصلَ لي من السرور ما يصلحُ به بدَني:

شرفُ النفوسِ دخولُها في رقِّهم. . . والعبدُ يحوِي الفخرَ بالمتملكِ

وكان أبو يزيدِ البسطاميُّ ينشدُ:

يا ليتني صرتُ شيئًا. . . من غيرِ شيء أعد

أصبحتُ للكلِّ مولى. . . لأنَّني لكَ عبدُ

<<  <  ج: ص:  >  >>