للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ: أتمسكنُ لربِّي لعلَّهُ يشفعني فيه.

ومما يشرعُ فيه التمسكنُ للَّهِ عز وجل حالَ الصلاةِ كما في حديثِ الفضلِ

بنِ عباس عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ:

"الصلاةُ مثْنَي مثْنَي تشهدُ في كلِّ ركعتينِ وتخشعُ وتضرع وتمسكنُ وتقنعْ يديكَ - يقولُ ترفعهُما - وتقولُ: ياربِّ ثلاثا، فمن لم يفعلْ ذلكَ

فهي خداجٌ "

خرَّجهُ الترمذيُّ وغيره.

وكذلكَ يشرعُ إظهارُ المسكنةِ في الدعاءِ، خرَّجَ الطبراني من حديثِ ابنِ

عباسٍ قالَ: "رأيتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يدعوُ بعرفةَ ويداهُ إلى صدره كاستطعامِ المسكينِ ".

ومن حديثِهِ أيضاً أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ في دعائِهِ عشيةَ عرفةَ:

"أنا البائسُ الفقيرُ المسغيثُ المستجيرُ الوجلُ المشفقُ المقرُّ المعترفُ بذنبِهِ، أسألكَ مسألةَ المسكينِ، وأبتهلُ إليكَ ابتهالَ المذنبِ الذليلِ، وأدعوكَ دعاءَ الخائفِ الضرير ".

وكان بعضُ السلفِ يجلسُ بالليلِ مطرقًا رأسَهُ ويمدُّ يديهِ وهو ساكَتٌ كحالِ

المسكينِ المستعطِي.

وقالَ طاوس: دخلَ عليٌّ بنُ الحسينِ الحِجْرَ ليلةً فصلَّى

فسمعتُهُ يقولُ في سجودِهِ: عُبيدُكَ بفنائِكَ، مسكينُكَ بفنائِكَ، فقيرُكَ

بفنائِكَ، سائلُكَ بفنائِكَ، قالَ طاوس: فحفظتُهنَّ فما دعوتُ بهنَّ في كربٍ

إلاَّ فرجَ عنَّي.

وكان بعضُ العبادِ قد حجَّ ثمانينَ حجةً على قدميهِ فبينَما هوَ

في الطوافِ وهوَ يقولُ: ياحبيبي ياحبيبي، فهتفَ هاتفٌ: ليسَ ترضَى أن

تكونَ مسكينًا حتى تكون حبيبا فغشيَ عليه، فكانَ بعد ذلكَ يقولُ:

مسكينُك، مسكينُك.

<<  <  ج: ص:  >  >>