للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٤٩٤ - أَخْبَرَنَا الْإِمَامُ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرِ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ الْفَاخِرِ الْقُرَشِيُّ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ مَحْمُودُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَأَبُو الْمَجْدِ زَاهِرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَامِدٍ الثَّقَفِيِّانِ - بِأَصْبَهَانَ - أَنَّ سَعِيدَ بْنَ أَبِي الرَّجَاءِ الصَّيْرَفِيَّ أَخْبَرَهُمْ - قِرَاءَةً عَلَيْهِ - أَنَا أَبُو أَحْمَدَ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْبَقَّالُ، أَنَا أَبُو أَحْمَدَ عُبَيْدُ اللهِ بْنُ يَعْقُوبَ بْنِ إِسْحَاقَ، أَنَا جَدِّي أَبُو يَعْقُوبَ إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ جَمِيلٍ، أَنَا أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، ثَنَا الْحَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثَنَا ابْنُ جُرْجِيٍّ (١)، ثَنَا أَبُو حَرْبِ بْنُ أَبِي الْأَسْوَدِ الدَّيْلِيُّ، عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ، وَعَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، وَرَجُلٍ، عَنْ زَاذَانَ، كَذَا قَالَا: «بَيْنَا النَّاسُ ذَاتَ يَوْمٍ عِنْدَ عَلِيٍّ، إِذْ وَافَقُوا مِنْهُ نَفْسًا طَيِّبَةً. فَقَالُوا: حَدِّثْنَا عَنْ أَصْحَابِكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ. قَالَ: عَنْ أَيِّ أَصْحَابِي؟ قَالُوا: أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: كُلُّ أَصْحَابِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَصْحَابِي، فَأَيُّهُمْ

⦗١٢٣⦘

تُرِيدُونَ؟ قَالُوا: النَّفَرُ الَّذِينَ رَأَيْنَاكَ تُلَطِّفُهُمْ بِذِكْرِكَ، وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِمْ دُونَ الْقَوْمِ. قَالَ: أَيُّهُمْ؟

قَالُوا: عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ.

قَالَ: عَلِمَ السُّنَّةَ، وَقَرَأَ الْقُرْآنَ وَكَفَى بِهِ عِلْمًا، ثُمَّ خَتَمَ بِهِ عِنْدَهُ. فَلَمْ يَدْرُوا عَلَى مَا يُرِيدُ بِقَوْلِهِ: كَفَى بِهِ عِلْمًا، كَفَى بِعَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، أَمْ كَفَى بِالْقُرْآنِ.

قَالُوا: فَحُذَيْفَةُ.

قَالَ: عُلِّمَ - أَوْ عَلِمَ - أَسْمَاءَ الْمُنَافِقِينَ، وَسَأَلَ عَنِ الْمُعْضِلَاتِ حِينَ غُفِلَ عَنْهَا، فَإِنْ تَسْأَلُوهُ عَنْهَا تَجِدُوهُ بِهَا عَالِمًا.

قَالُوا: فَأَبُو ذَرٍّ.

قَالَ: وَعَى عِلْمًا، شَحِيحًا حَرِيصًا، شَحِيحًا عَلَى دِينِهِ حَرِيصًا عَلَى الْعِلْمِ، وَكَانَ يُكْثِرُ السُّؤَالَ فَيُعْطَى وَيُمْنَعُ، أَمَا أَنْ قَدْ مُلِئَ لَهُ فِي وِعَائِهِ حَتَّى امْتَلَأَ.

قَالُوا: فَسَلْمَانُ.

قَالَ: ذَاكَ امْرُؤٌ مِنَّا وَإِلَيْنَا أَهْلَ الْبَيْتِ، مَنْ لَكُمْ بِمِثْلِ لُقْمَانَ الْحَكِيمِ، عَلِمَ الْعِلْمَ الْأَوَّلَ، وَأَدْرَكَ الْعِلْمَ الْآخِرَ، وَقَرَأَ الْكِتَابَ الْأَوَّلَ وَالْكِتَابَ الْآخِرَ، وَكَانَ بَحْرًا لَا يَنْزِفُ.

قَالُوا: فَعَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ.

قَالَ: ذَاكَ امْرُؤٌ خَلَطَ اللهُ الْإِيمَانَ بِلَحْمِهِ وَدَمِهِ وَعَظْمِهِ، وَشَعْرِهِ وَبَشَرِهِ لَا يُفَارِقُ الْحَقَّ سَاعَةً، حَيْثُ زَالَ زَالَ مَعَهُ، لَا يَنْبَغِي لِلنَّارِ أَنْ تَأْكُلَ مِنْهُ شَيْئًا.

قَالُوا: فَحَدِّثْنَا عَنْكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَ: مَهْلًا، نَهَى اللهُ عَنِ التَّزْكِيَةِ.

⦗١٢٤⦘

قَالَ: قَالَ قَائِلٌ: فَإِنَّ اللهَ -عَزَّ وَجَلَّ - يَقُولُ: {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ}.

قَالَ: فَإِنِّي أُحَدِّثُ بِنِعْمَةِ رَبِّي كَثِيرًا، إِذَا سَأَلْتُ أُعْطِيتُ، وَإِذَا سَكَتُّ ابْتُدِيتُ، فَبَيْنَ الْجَوَارِحِ - وَصَوَابُهُ: الْجَوَانِحُ - مِنِّي عِلْمًا جَمًّا.

فَقَامَ عَبْدُ اللهِ بْنُ الْكَوَّاءِ الْأَعْوَرُ مِنْ بَنِي بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، مَا {وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا}

قَالَ: الرِّيَاحُ.

قَالَ: فَمَا {فَالْحَامِلاتِ وِقْرًا}؟

قَالَ: السَّحَابُ.

قَالَ: فَمَا {فَالْجَارِيَاتِ يُسْرًا}؟

قَالَ: السُّفُنُ.

قَالَ: فَمَا {فَالْمُقَسِّمَاتِ أَمْرًا}؟ قَالَ: الْمَلَائِكَةُ. وَلَا تَعُدْ لِمِثْلِ هَذَا، وَلَا تَسْأَلْنِي عَنْ مِثْلِ هَذَا.

قَالَ: فَمَا {وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ}؟

قَالَ: دَارُ الْخُلُقِ الْحَسَنِ.

قَالَ: فَمَا السَّوَادُ الَّذِي فِي حَرْفِ الْقَمَرِ؟

قَالَ: أَعْمَى يَسْأَلُ عَنْ عَمْيَاءَ، مَا الْعِلْمَ أَرَدْتَ بِهَذَا، وَيْحَكَ سَلْ تَفَقُّهًا، وَلَا تَسْأَلْ تَعَنُّتًا - أَوْ قَالَ: تَعَتُّهًا - سَلْ عَمَّا يَعْنِيكَ، وَدَعْ مَا لَا يَعْنِيكَ.

قَالَ: فَوَاللهِ إِنَّ هَذَا لَيَعْنِينِي.

⦗١٢٥⦘

قَالَ: إِنَّ اللهَ يَقُولُ: {وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ} السَّوَادَ الَّذِي فِي حَرْفِ الْقَمَرِ.

قَالَ: فَمَا الْمَجَرَّةُ؟ قَالَ: شَرَجُ السَّمَاءِ، وَمِنْهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ زَمَنَ الْغَرَقِ عَلَى قَوْمِ نُوحٍ.

قَالَ: فَمَا قَوْسُ قُزَحَ؟ قَالَ: لَا تَقُلْ قَوْسَ قُزَحَ، فَإِنَّ قُزَحَ الشَّيْطَانُ، وَلَكِنَّهُ الْقَوْسُ، وَهِيَ أَمَانَةٌ مِنَ الْغَرَقِ.

قَالَ: فَكَمْ بَيْنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ؟

قَالَ: قَدْرُ دَعْوَةِ عَبْدٍ دَعَا اللهَ، لَا أَقُولُ غَيْرَ ذَلِكَ.

قَالَ: فَكَمْ مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ؟

قَالَ: مَسِيرَةُ يَوْمٍ لِلشَّمْسِ، مَنْ حَدَّثَكَ غَيْرَ ذَلِكَ فَقَدْ كَذَبَ.

قَالَ: فَمَنِ الَّذِينَ قَالَ اللهُ تَعَالَى: {وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ}.

قَالَ: دَعْهُمْ فَقَدْ كُفِيتَهُمْ.

قَالَ: فَمَا ذُو الْقَرْنَيْنِ؟

قَالَ: رَجُلٌ بَعَثَهُ اللهُ إِلَى قَوْمٍ كَفَرَةٍ أَهْلِ الْكِتَابِ، كَانَ أَوَائِلُهُمْ عَلَى حَقٍّ، فَأَشْرَكُوا بِرَبِّهِمْ، وَابْتَدَعُوا فِي دِينِهِمْ، فَأَحْدَثُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ، فَهُمُ الْيَوْمَ يَجْتَهِدُونَ فِي الْبَاطِلِ، وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى حَقٍّ، وَيَجْتَهِدُونَ فِي الضَّلَالَةِ

⦗١٢٦⦘

وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى هُدًى، فَضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا، وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا. قَالَ: رَفَعَ صَوْتَهُ، وَقَالَ: وَمَا أَهْلُ النَّهَرَوَانِ غَدًا مِنْهُمْ بِبَعِيدٍ.

قَالَ: فَقَالَ ابْنُ الْكَوَّاءِ: وَاللهِ لَا أَسْأَلُ سِوَاكَ، وَلَا أَتْبَعُ غَيْرَكَ.

قَالَ: فَقَالَ: إِنْ كَانَ الْأَمْرُ إِلَيْكَ فَافْعَلْ.»


(١) كذا في طبعة دار خضر، تحقيق عبد الملك بن عبد الله بن دهيش، ولعل الصواب: (ابن جريج).

<<  <  ج: ص:  >  >>