للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

أضعفها. وكان يذهب إلى أنه لا يجوز كشف منكر قد استسرّ به، كما لا يجوز ترك إنكاره مع المظاهرة والمجاهرة به. ويأمر بأن يظن بالمسلمين خيرا. وكان يقول: إن التوارى بالمنكر لا يمنع إنكاره إذا ظهرت رائحة، أو صوت. وكان يأمر بالمعروف، وإن لم يغلب على ظنه زواله، إذا أمن فيه من ظهور ما هو أعظم منه، لأن الغرض عنده: التذكرة والإرشاد، وليس عليه مع العجز زوال العين.

وكان يأمر بإظهار المذهب الصحيح عند ظهور المذاهب الفاسدة. ويقول:

الغرض إقامة حجج الله. وليس فى ذلك مشقة. فإن خاف على نفسه التلف أو الإهانة المفضية إلى ضعف كلمة الحق: لم يلزمه. وكان يقول: إذا أمكن رفع ذلك إلى السلطان ليزيله لم تمد إليه يد، وكان السلطان به أولى. فإن خاف فواته قبل بلوغه إلى السلطان: كان له التسرع إليه، مع شرط أمان الهلاك والفتنة، والهوان العائد بنقص الدين. ويجب على الكافة إعانة السلطان إذا استعان بهم على رفع المنكر. ويجب على العلماء إنكار ما يحدث من البدع والمذاهب الفاسدة بإقامة الحجج المزيلة للشبهة، الكاشفة عن غمة الضلالة.

ويجب على الإمام ونائبه تنفيذ ذلك، وأخذ أهل الزيغ بالرجوع عما هم عليه، بعد قيام الحجة. فإن أبوا أنالهم من النكال بحكم اجتهاده ما يأمل معه رجوعهم. وإن كانت لهم شوكة، وأظهروا قوة ونصبوا حربا: قاتلهم، كما قاتل أبو بكر رضى الله عنه ما نعى الزكاة. وكذلك البغاة يدعوهم الإمام إلى مراجعة الحق، ويبطل شبههم، ويردهم بأسهل ما أمكن، ثم بما يؤدى إليه الاجتهاد والسيف عند الإياس منهم، وامتناعهم وتضريم الحرب.

وكان يأمر بالوعظ، مثل الأدب والتخويف بالله تعالى قبل اليد، كل ذلك طلبا للسلامة، وحملا لأمور المسلمين على الستر والصحة.

وكان يذهب إلى أنه يلزم الإمام ما يلزم الأمة، ولا يلزم الأمة جميع ما يلزم الإمام. لأن الأحكام الشرعية عنده تنقسم أقساما، منها ما يعم وجوبه، ويلزم

<<  <   >  >>