للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الباري لا يجب عليه قبولها. لأنه لا يجب عليه شئ، وإنما يتفضل على عبده بذلك، إحسانا منه. ويتلو (٧٠:٢٥ {إِلاّ مَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صالِحاً فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ)}.

وكان يأمر بالتوبة فى كل حال، ويدعو إليها النساء والرجال من المكلفين ويقول: هى واجبة على الأعيان. ويتلو (٣١:٢٤ {وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ، لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)} وقد توعد الله تعالى على تأخيرها، وعظّم الجرم على من تركها، فقال (١٨:٤ {وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ} - الآية) ويحث الأمة على وجوب المبادرة بالتوبة. ويروى عن النبى صلّى الله عليه وسلم أنه قال «إنه ليغان على قلبى، فأتوب إلى الله فى اليوم سبعين مرة».

وكان يقول: من ترك التوبة وجبت عليه التوبة. لأنه ترك واجبا. فهو كراكب الذنب. وكان يذهب إلى أن قبولها ليس بواجب على البارى، وإنما هو تفضل منه وترغيب لعباده. لأن الواجب ما ألزمه ملزم. وليس له سبحانه ملزم.

وكان يجوز التوبة من بعض الذنوب، حذرا من تنفير المكلف الذى لا يستطيع ترك جميع ما تعود. قال الله تعالى فى قطاع الطريق (٣٤:٥ {إِلاَّ الَّذِينَ تابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ، فَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ)} ولم يشترط فى ذلك توبتهم من جميع ذنوبهم. وكان يجوز توبة من تاب ونقض. ويقول: من تاب ونقض فهو مؤاخذ بما يأتى، إلا أن يعفو الله عنه. والتوبة عنده: الندم على ما مضى، والعزم على ترك فعل مثله. فإن كان عجز عن المثل: كفاه الندم على ما مضى. قال النبى صلّى الله عليه وسلم «الندم توبة» ويجب عليه تجديد الندم عند تجدد ذكر ما اجترم، لأن الأنس بذكر الذنب، وتسهيل العبارة به: دليل على عدم التألم. وذلك إصرار. فلذلك وجب تجديد الندم.

وكان يذهب إلى أن الفاسق بركوب الكبيرة مسلم، وأنه لا ينافى ما أتاه من ذنبه ما اعتقده من إيمانه. ويقرأ (٣٨:٩ {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ما لَكُمْ إِذا قِيلَ

<<  <   >  >>