حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَيَّانَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَمْرٍو، وَمُحَمَّدُ بْنُ سَهْلٍ قَالَا: ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُمَرَ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مَهْدِيٍّ، يَقُولُ: لِفَتًى مِنْ وَلَدِ جَعْفَرِ بْنِ سُلَيْمَانَ الْهَاشِمِيِّ: «مَكَانَكَ». فَقَعَدَ حَتَّى تَفَرَّقَ النَّاسُ. ثُمَّ قَالَ لَهُ: «يَا بُنَيَّ، تَعْرِفُ مَا فِي هَذِهِ الْكُورَةِ مِنَ الْأَهْوَاءِ، وَالِاخْتِلَافِ وَكُلُّ ذَلِكَ يَجْرِي مِنْكَ عَلَى بَالٍ رَخِيٍّ إِلَّا أَمْرَكَ، وَمَا بَلَغَنِي؛ فَإِنَّ الْأَمْرَ لَا يَزَالُ هَيِّنًا مَا لَمْ يصَلْ إِلَيْكُمْ، يَعْنِي السُّلْطَانَ، فَإِذَا صَارَ إِلَيْكُمْ جَلَّ وَعَظُمَ» قَالَ: يَا أَبَا سَعِيدٍ، وَمَا ذَاكَ قَالَ: «بَلَغَنِي أَنَّكَ تَتَكَلَّمُ فِي الرَّبِّ وَتَصِفُهُ وَتُشَبِّهُ» قَالَ: الْغُلَامُ: نَعَمْ يَا أَبَا سَعِيدٍ، نَظَرْنَا فَلَمْ نَرَ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ شَيْئًا أَحْسَنَ وَلَا أَوْلَى مِنَ الْإِنْسَانِ، فَأَخَذَ يَتَكَلَّمُ فِي الصِّفَةِ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: " رُوَيْدَكَ يَا بُنَيَّ حَتَّى نَتَكَلَّمَ أَوَّلَ شَيْءٍ فِي الْمَخْلُوقِ، فَإِنْ عَجَزْنَا عَنِ الْمَخْلُوقِ فَنَحْنُ عَنِ الْخَالِقِ أَعْجَزُ، أَخْبِرْنِي عَنْ حَدِيثٍ حَدَّثَنِيهِ شُعْبَةُ، عَنِ الشَّيْبَانِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ فِي قَوْلِهِ: {لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهٍ الْكُبْرَى} [النجم: ١٨]. قَالَ: «رَأَى جِبْرِيلَ لَهُ سِتُّمِائَةِ جَنَاحٍ». فَبَقِيَ الْغُلَامُ يَنْظُرُ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: «يَا بُنَيَّ، فَإِنِّي أُهَوِّنُ عَلَيْكَ الْمَسْأَلَةَ، وَأَضَعُ عَنْكَ خَمْسَمِائَةٍ وَسَبْعًا وَتِسْعِينَ جَنَاحًا. صِفْ لِي خَلْقًا بِثَلَاثَةِ أَجْنِحَةٍ، رُكِّبَ الْجَنَاحُ الثَّالِثُ مِنْهُ مَوْضِعًا غَيْرَ الْمَوْضِعَيْنِ اللَّذَيْنِ رَكَّبَهُمَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ حَتَّى أَعْلَمَ.» فَقَالَ: يَا أَبَا سَعِيدِ، قَدْ عَجَزْنَا عَنْ صِفَةِ الْمَخْلُوقِ وَنَحْنُ عَنْ صِفَةِ الْخَالِقِ أَعْجَزُ؛ فَأُشْهِدُكَ أَنِّي قَدْ رَجَعْتُ، عَنْ ذَاكَ وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute