للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُحَارِبٍ النَّيْسَابُورِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعِيدٍ الْبُوشَنْجِيُّ، ثنا يَعْقُوبُ بْنُ كَعْبٍ الْحَلَبِيُّ، ح. وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ حُبَيْشٍ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ زَنْجُوَيْهِ، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الرَّقِّيُّ، ح. وَحَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ الْمُعَلَّى، ثنا هِشَامٌ، قَالُوا: ثنا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ مُوسَى، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: " أَتَى بِيَ الْحَجَّاجُ مَوْثَقًا، فَلَمَّا انْتَهَيْتُ إِلَى بَابِ الْقَصْرِ لَقِيَنِي يَزِيدُ بْنُ أَبِي مُسْلِمٍ، فَقَالَ: إِنَّا لِلَّهِ يَا شَعْبِيُّ لِمَا بَيْنَ دَفَّتَيْكَ مِنَ الْعِلْمِ، وَلَيْسَ بِيَوْمِ شَفَاعَةٍ، بُؤْ لِلْأَمِيرِ بِالشِّرْكِ وَالنِّفَاقِ عَلَى نَفْسِكَ، فَبِالْحَرِيِّ أَنْ تَنْجُوَ. ثُمَّ لَقِيَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحَجَّاجِ فَقَالَ لِي مِثْلَ مَقَالَةِ يَزِيدَ، فَلَمَّا دَخَلْتُ عَلَيْهِ، قَالَ: «وَأَنْتَ يَا شَعْبِيُّ فِيمَنْ خَرَجَ عَلَيْنَا وَكَثَّرَ». قُلْتُ: «أَصْلَحَ اللهُ الْأَمِيرَ، أَحْزَنَ بِنَا الْمَنْزِلُ، وَأَجْدَبَ الْجَنَابُ، وَضَاقَ الْمَسْلَكُ، وَاكْتَحَلَنِي السَّهَرُ، وَاسْتَحْلَسْنَا الْخَوْفَ، وَدُفِعْنَا فِي خَرِبَةٍ خَرِبَةٍ، لَمْ نَكُنْ فِيهَا بَرَرَةً أَتْقِيَاءَ، وَلَا فَجَرَةً أَقْوِيَاءَ». قَالَ: صَدَقَ وَاللهِ، مَا بَرُّوا فِي خُرُوجِهِمْ عَلَيْنَا، وَلَا قَوَوْا عَلَيْنَا حَيْثُ فَجَرُوا. فَأَطْلِقَا عَنْهُ. قَالَ: فَاحْتَاجَ إِلَى فَرِيضَةٍ. فَقَالَ: مَا تَقُولُ فِي أُخْتٍ وَأُمِّ وَجَدٍّ؟ قُلْتُ: اخْتَلَفَ فِيهَا خَمْسَةٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ، وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ، وَعَلِيٌّ، وَابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُمْ ". قَالَ: فَمَا قَالَ فِيهَا ابْنُ عَبَّاسٍ؟ إِنْ كَانَ لَمُفْتِيًا، قُلْتُ: «جَعَلَ الْجَدَّ أَبًا، وَأَعْطَى الْأُمَّ الثُّلُثَ، وَلَمْ يُعْطِ الْأُخْتَ شَيْئًا» قَالَ: فَمَا قَالَ فِيهَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ؟ يَعْنِي عُثْمَانَ؟ ⦗٣٢٦⦘، قُلْتُ: «جَعَلَهَا أَثْلَاثًا». قَالَ: فَمَا قَالَ فِيهَا زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ؟ قُلْتُ: «جَعَلَهَا مِنْ تِسْعَةٍ، فَأَعْطَى الْأُمَّ ثَلَاثًا، وَأَعْطَى الْجَدَّ أَرْبَعًا، وَأَعْطَى الْأُخْتَ سَهْمَيْنِ». قَالَ: فَمَا قَالَ فِيهَا ابْنُ مَسْعُودٍ؟ قُلْتُ: «جَعَلَهَا مِنْ سِتَّةٍ، أَعْطَى الْأُخْتَ ثَلَاثًا، وَأَعْطَى الْأُمَّ سَهْمًا، وَأَعْطَى الْجَدَّ سَهْمَيْنِ» قَالَ: فَمَا قَالَ فِيهَا أَبُو تُرَابٍ قُلْتُ: «جَعَلَهَا مِنْ سِتَّةٍ، أَعْطَى الْأُخْتَ ثَلَاثًا، وَأَعْطَى الْجَدَّ سَهْمًا، وَأَعْطَى الْأُمَّ سَهْمَيْنِ» قَالَ مُرِ الْقَاضِي فَلْيُمْضِهَا عَلَى مَا أَمْضَاهَا عَلَيْهِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عُثْمَانَ. إِذْ دَخَلَ عَلَيْهِ الْحَاجِبُ فَقَالَ: إِنَّ بِالْبَابِ رُسُلًا، قَالَ: ائْذَنْ لَهُمْ، فَدَخَلُوا عَمَائِمُهُمْ عَلَى أَوْسَاطِهِمْ، وَسُيوفُهُمْ عَلَى عَوَاتِقِهِمْ، وَكُتُبُهُمْ فِي أَيْمَانِهِمْ، فَدَخَلَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ يُقَالُ لَهُ سَيَابَةُ بْنُ عَاصِمٍ، فَقَالَ: مِنْ أَيْنَ أَنْتَ؟ قَالَ: مِنَ الشَّامِ قَالَ: كَيْفَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ؟ كَيْفَ حَشَمُهُ؟ فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ: هَلْ كَانَ وَرَاءَكَ مِنْ غَيْثٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، أَصَابَتْنِي فِيمَا بَيْنِي وَبَيْنَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ثَلَاثُ سَحَائِبَ، قَالَ: فَانْعَتْ لِي كَيْفَ كَانَ وَقْعُ الْمَطَرِ، وَكَيْفَ كَانَ أَثَرُهُ وَتَبَاشِيرُهُ، فَقَالَ: أَصَابَتْنِي سَحَابَةٌ بِحَوْرَانَ فَوَقَعَ قَطْرٌ صِغَارٌ وَقَطْرٌ كِبَارٌ، فَكَانَ الْكِبَارُ لُحْمَةَ الصِّغَارِ، فَوَقَعَ سِبْطٌ مُتَدَارَكٌ وَهُوَ السَّحُّ الَّذِي سَمِعْتَ بِهِ، فَوَادٍ سَائِلٌ، وَوَادٍ نَازِحٌ، وَأَرْضٌ مُقْبِلَةٌ، وَأَرْضٌ مُدْبِرَةٌ، وَأَصَابَتْنِي سَحَابَةٌ بِسِوَا، أَوْ قَالَ بِالْقَرْيَتَيْنِ، شَكَّ عِيسَى، فَلَبَّدَتِ الدِّمَاثَ، وَأَسَالَتِ الْعِزَازَ، وَأَدْحَضَتِ التِّلَاعَ، فَصَدَعَتْ عَنِ الْكَمْأَةِ أَمَاكِنَهَا، وَأَصَابَتْنِي بِسَحَابَةٍ فَتَأْتِ الْعُيونَ بَعْدَ الرِّيِّ، وَامْتَلَأَتِ الْأَخَادِيدُ، وَأُفْعِمَتِ الْأَوْدِيَةُ، وَجِئْتُكَ فِي مِثْلِ وَجَارِ الضَّبُعِ. ثُمَّ قَالَ: ائْذَنْ، فَدَخَلَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي أَسَدَ، فَقَالَ: هَلْ كَانَ وَرَاءَكَ غَيْثٌ. فَقَالَ: لَا، كَثُرَ الْإِعْصَارُ، وَاغْبَرَّ الْبِلَادُ، وَأَكَلَ مَا أَشْرَفَ مِنَ الْجَنَبَةِ فَاسْتَقَيْنَا إِنَّهُ عَامُ سَنَةٍ. فَقَالَ: بِئْسَ الْمُخْبِرُ أَنْتَ. فَقَالَ: أَخْبَرْتُكَ بِمَا كَانَ، ثُمَّ قَالَ: ائْذَنْ، فَدَخَلَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْيَمَامَةِ، فَقَالَ: هَلْ كَانَ وَرَاءَكَ مِنْ غَيْثٍ؟ فَقَالَ: تَقَنَّعَتِ الرَّوَّادُ تَدْعُو إِلَى زِيَادَتِهَا، وَسَمِعْتُ قَائِلًا يَقُولُ: هَلُمَّ أَظْعَنُكُمْ إِلَى مَحِلَّةٍ تُطْفَأُ فِيهَا النِّيرَانُ، وَتَشْكِي ⦗٣٢٧⦘ فِيهَا النِّسَاءُ، وَتَنَافَسُ فِيهَا الْمِعْزَى. قَالَ الشَّعْبِيُّ: وَلَمْ يَدْرِ الْحَجَّاجُ مَا قَالَ فَقَالَ: وَيْحَكَ، إِنَّمَا تُحَدِّثُ أَهْلَ الشَّامِ فَأَفْهِمْهُمْ، فَقَالَ: نَعَمْ، أَصْلَحَ اللهُ الْأَمِيرَ، أَخْصَبَ النَّاسُ فَكَانَ الثَّمَرُ، وَالسَّمْنُ، وَالزُّبْدُ، وَاللَّبَنُ، فَلَا يُوقَدُ نَارٌ لِيُخْتَبَزَ بِهَا، وَأَمَّا تَشَكِّي النِّسَاءِ فَإِنَّ الْمَرْأَةَ تَظَلُّ تَرِيفُ بَهْمَهَا، تُمْخَضُ لَبَنَهَا، فَتَبِيتُ وَلَهَا أَنِينٌ مِنْ عَضُدَيْهَا كَأَنَّهُمَا لَيْسَتَا مَعَهَا، وَأَمَّا تَنَافُسُ الْمَعِزَى فَإِنَّهَا تَرَى مِنْ أَنْوَاعِ الشَّجَرِ، وَأَلْوَانِ الثَّمَرِ، وَنَوْرِ النَّبَاتِ مَا يُشْبِعُ بُطُونَهَا، وَلَا يُشْبِعُ عُيونَهَا، فَتَبِيتُ وَقَدِ امْتَلَأَتْ أَكْرَاشُهَا، لَهَا مِنَ الْكِظَّةِ جَرَّةٌ، فَتَبْقَى الْجَرَّةُ حَتَّى تَسْتَنْزِلَ بِهِمَا الدِّرَّةُ، ثُمَّ قَالَ: ائْذَنْ، فَدَخَلَ رَجُلٌ مِنَ الْمَوَالِي كَانَ يُقَالُ إِنَّهُ مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ، فَقَالَ: هَلْ كَانَ وَرَاءَكَ مِنْ غَيْثٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَلَكِنْ لَا أُحْسِنُ أَقُولُ كَمَا قَالَ هَؤُلَاءِ، فَقَالَ: قُلْ كَمَا تُحْسِنُ، فَقَالَ: أَصَابَتْنِي سَحَابَةٌ بِحُلْوَانَ فَلَمْ أَطَأْ فِي إِثْرِهَا حَتَّى دَخَلْتُ عَلَى الْأَمِيرِ. فَقَالَ الْحَجَّاجُ: لَئِنْ كُنْتَ أَقْصَرَهُمْ فِي الْمَطَرِ خُطْبَةً، إِنَّكَ أَطْوَلُهُمْ بِالسَّيْفِ خُطْوَةً ". ثنا أَبُو حَامِدِ بْنُ جَبَلَةَ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ السَّرَّاجُ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادِ بْنِ مُوسَى الْعُكْلِيُّ، حَدَّثَنِي أَبِي عَبَّادُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو بَكْرٍ الْهُذَلِيُّ، قَالَ: قَالَ لِي الشَّعْبِيُّ: أَلَا أُحَدِّثُكَ حَدِيثًا تَحْفَظُهُ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ إِنْ كُنْتَ حَافِظًا كَمَا حَفِظْتُ، إِنَّهُ لَمَّا أَتَى بِي الْحَجَّاجُ بْنُ يُوسُفَ وَأَنَا مُقَيَّدٌ، فَخَرَجَ إِلَيَّ يَزِيدُ بْنُ أَبِي مُسْلِمٍ، فَقَالَ: إِنَّا لِلَّهِ وَمَا بَيْنَ دَفَّتَيْكَ مِنَ الْعِلْمِ يَا شَعْبِيُّ، فَذَكَرَ نَحْوَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>