للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وبالجملة: فكلُّ طريقِ المدينة وفِجاجِها ودُورِها وما حولها: قد شملتْه البَركةُ النَّبوية، فإنَّهم كانوا يتبرَّكون بدخولِه - صلى الله عليه وسلم - منازلهَم ويَدْعُونه إليها، وإلى الصَّلاةِ في بيوتِهم (١)، وشهودِ جنائزهم (٢)، ولهذا امتنعَ مالك من ركوب دابَّةٍ فيها، قائلًا: لا أطأُ بحافر دابَّةٍ في عِرَاصٍ (٣) كان - صلى الله عليه وسلم - يمشي فيها بقدميه الشَّريفتين (٤)، وأصحابه الخلفاء الرَّاشدون، والصَّحابة البرَرة الكِرام، رضي الله عنهم أجمعين.

ويحرمُ -كما للأربعةِ (٥)، إلا أبا حنيفة (٦) - صيدُ حَرَمِها، واصطيادُه، وقطعُ شجره. ولكن تجرَّأ غلامٌ للمغيرةِ بنِ شُعبةَ على قتل أميرِ المؤمنين عمرَ، وهو في المحراب يصلِّي الصُّبحَ في آخرِ سنة ثلاثٍ وعشرين (٧)، فكان مبدأَ الفتن.

فقُتل في ذي الحجَّة سنة خمسٍ وثلاثين ذو النُّورين عثمانُ بنُ عفَّان، حين حصرَه


(١) وفيه حديث عتبان بن مالك - رضي الله عنه - حيث قال: إني أحبُّ أن تأتيَني فتصلِّيَ في منزلي فأتخذه مصلَّى. أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب: المساجد في البيوت (٤٢٥)، ومسلم في كتاب الإيمان، باب: الدليل على أنَّ مَن مات على التوحيد دخل الجنة قطعًا ١/ ٦١ (٥٤).
(٢) وفيه حديث أبي قتادة - رضي الله عنه - قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا دُعي لجنازة سأل عنها … (صحيح).
أخرجه أحمد ٥/ ٢٩٩، وابنُ حِبان ٥/ ٢٥ (٣٠٤٦).
(٣) العِرَاصُ: جمعُ عَرْصة، وهي كلُّ بقعةٍ بين الدُّور واسعةٍ ليس فيها بناء. "القاموس": عرص.
(٤) "ترتيب المدارك وتقريب السالك" ٢/ ٥٣.
(٥) انظر "المنتقى شرح الموطأ" ٢/ ٢٥٢، و "المجموع" ٧/ ٤٧١ - ٤٧٤، و "المغني" ٥/ ١٩٠ - ١٩١.
(٦) انظر شرح معاني الآثار" ٤/ ١٩١ - ١٩٦.
(٧) فيروز أبو لؤلؤة المجوسي غلام المغيرة بن شعبة. "الاستيعاب" ٢/ ٤٦٧ - ٤٦٨، و "البداية والنهاية " ٧/ ١٣٧.