للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقد يجد الإنسان الرّمص في عينه فينحّيه، ويبتلى بالبرص في بدنه فيخفيه.

وقد أفسده أيضا ثقة صاحبه به، وتعويله عليه، وقلّة سماعه من الناصح فيه، فعذر بازدهاء المال والعلم والاقتدار والأمر والكفاية وطاعة الرجال وتصديق الجلساء والعادة الغالبة، وهو في الأصل مجدود «١» لا جرم ليس يقلّه مكان دلالا وترفا، وعجبا وتيها وصلفا، واندراء»

على الناس، وازدراء للصغار والكبار، وجبها للصادر والوارد، وفي الجملة، صغار آفاته كبيرة، وذنوبه جمّة.

ولكنّ الغنى ربّ غفور

قال: ما صدر هذا البيت؟ فأنشدته الأبيات، وهي لعروة بن الورد في الجاهليّة، وكان يقال له عروة الصعاليك، لأنّه كان يؤويهم ويحسن إليهم كثيرا:

ذريني للغني أسعى فإنّي ... رأيت الناس شرّهم الفقير

وأبعدهم وأهونهم عليهم ... وإن أمسى له حسب وخير

ويقصيه النّديّ وتزدريه ... حليلته وينهره الصغير

وتلقى ذا الغنى وله جلال ... يكاد فؤاد صاحبه يطير

قليل ذنبه والذنب جمّ ... ولكنّ الغنى ربّ غفور

فقال: لا شكّ أنّ المسوّدة جامعة لهذا كلّه. قلت: تلك تجزّع في دست كاغد فرعونيّ. فقال: أجد تحريرها، وعليّ بها، ولك الضّمان ألّا يراها إنسان، ولا يدور بذكرها لسان. قلت: السمع والطاعة.

قال: قد تركنا من حديثه ما هو أولى مما مرّ بنا، كيف بلاغته من بلاغة ابن العميد؟ وأين طريقته من طريقة ابن يوسف والصابي؟

قلت: قد سألت جماعة عن هذا، فأجابني كل واحد بجواب إذا حكيته عنه كان ما يقال فيه ألصق، وكنت من الحكم عليه وله أبعد.

قال: صف هذا.

قلت: سألت ابن عبيد الكاتب عن ابن عبّاد في كتابته فقال: يرتفع عن المتعلّمين فيها بدرجة أو بدرجتين. وقال عليّ بن القاسم: هو مجنون الكلام، تارة تبدو لك منه بلاغة قسّ، وتارة يلقاك بعيّ باقل، تحريف كثير في المعاني، وإحالة في الوضع، وغلط في السّجع، وشرود عن الطبع.

وقال ابن المرزبان: هو كثير السرقة، سيّئ الإنفاق، رديء القلب والعكس، فروقة «٣»

<<  <   >  >>