خلقا من المشايخ، وأخذ عنهم أخلاق القوم وطريقهم، وكان حسن المجالسة، متبعا للسنة، محذرا من البدعة، كثير الطلب، ترك أباه ونعمته وتجرد، ودخل الروم، والجزيرة، والشام، ومصر، والحجاز، يصحب بقايا الصوفية، ويقتفى آثارهم، وحفظ كثيرا عنهم وعن مشايخ الطريق، وأنفق كثيرا من الأموال من ميراثه على الفقراء.
وقرأ الفقه فى شبيبته على مذهب أحمد، وجاور بالحرمين بضع عشرة سنة، وتأهّل وولد له، فلما لمعت له أنوار شيخنا - يعنى: ابن تيمية - وظفر بأضعاف تطلبه: ارتحل إلى دمشق بأهله، واستوطنها.
علقت عنه: أشياء، وسمعت من تأليفه خطبة بليغة، وصحبته بضع عشرة سنة، وسمعت منه جزءا بإجازته من التشتبرى.
قلت: سمع منه البرزالى، والذهبي، وذكراه فى معجميهما.
قال الذهبى: ابتلى بضيق النفس سبعة أشهر، ثم بالاستسقاء.
وانتقل إلى رحمة الله يوم الخميس رابع عشر شهر ربيع الآخر، سنة إحدى عشر وسبعمائة. ودفن بقاسيون قبل الشيخ عماد الدين الواسطى بيومين.
وأنشدنى بعضهم:
الدهر ساومنى عمرى، فقلت له … لا بعت عمرى بالدنيا وما فيها
ثم اشتراه تفاريقا بلا ثمن … تبّت يدا صفقة قد خاب شاريها
وذكر البرزالى: أنه توفى آخر نهار الخميس المذكور عند الغروب، وصلّى عليه ضحى نهار الجمعة بالجامع، ودفن غربى تربة الشيخ أبى عمر، رضى الله عنهما.
[٤٧٤ - مسعود بن أحمد]
بن مسعود بن زيد بن عياش الحارثى البغدادى، ثم المصرى الفقيه، المحدث الحافظ، قاضى القضاة سعد الدين أبو محمد، وأبو عبد الرحمن.