واستبدالها بأحجار مسنمة لا يوقف عليها مع التعويق عن بعض الارتفاقات منها. وقد ذكر مضرات ذلك لمن سنم حافة بحرة فتذكر وأعادها لبلاطها الأصلي المفروش وتاب من هذه الذلة وأناب. فليتنبه لهذه المنكرات وليسع الغيور في إزالتها.
٢٩- اجتماع الفقراء لتقبل صدقة إسقاط الصلاة في المسجد:
جرت العادة بدمشق إذا توفي أحد الأغنياء أن يجتمع الفقراء على باب داره اجتماعًا بنسبة ثروته فإن يكن من المشاهير في الثراء يتقاطر أولئك البؤساء أفواجًا أفواجًا وقصدهم ما تيسر لهم مما يوزع عن الميت فإذا هجموا وتجمعوا وضاق بهم أهل الميت ذرعًا فهنالك يندبون من أصدقائهم رجلًا جلدًا له قوة وصبر على معاناة صياحهم وإلحاحهم فيأمرهم غالبًا باتباعه إلى مسجد جوار دار المتوفى ويحشرهم فيه ويغلق بابه ويأتي بالشيخ الذي يدير عليهم صرة إسقاط الصلاة فكلما فرغ من شخص أعطاه الموكل على توزيع الصدقات سهمه وهكذا إلى أن يفرغ الكل. والكلام في هذه الحالة من وجوه:
"أولها": أن جمعهم في المسجد يفضي إلى صياح وخصام مما ينبغي صون المسجد عنه وإن كانت الصدقة في المسجد جائزة إلا أنها إذا أفضت إلى الإخلال بحرمة المسجد فالأجدر بها أن توزع في غيره.
"ثانيها": حالة هؤلاء الفقراء المسمين "بالكلاليب" في اجتماعهم وتوقحهم وفجورهم وبذاءة لسانهم وقلة حيائهم حالة من أفظع الحالات وأنكر المنكرات وتالله أن هجومهم وضوضاءهم لتنسي أهل الميت مصابهم وإن شئت فقل تضم إلى مصابهم مصابًا وتحشر إلى آلامهم آلاما وكأنهم يتقاضون غرامة أو حقًّا لازمًا أو دينًا حل أجله لما حلت بالميت أجله وكم فيهم من جلد وقوي البنية وشاب. نعم يوجد بينهم المستحق للصدقة ولكن شؤم