للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أهوال يوم القيامة، فقال: "اقمطرَّ١ وبالها، واشمخرَّ نكالها" فما طابت ولا ساغت".

ومن هذا الأسلوب لفظة "الكنهور" في وصف السحاب كقول أبي الطيب٢:

يا ليت باكيةً شجاني دمعها ... نظرت إليك كما نظرت فتعذرا

وترى الفضيلة لا ترد فضيلةً ... الشمس تشرق والسحاب كنهورا٣

فلفظة "الكنهور" لا تعاب نظمًا، وتعاب نثرًا.

وكذلك يجري الأمر في لفظة "العرمس", وهي اسم الناقة الشديدة، فإن هذه اللفظة يسوغ استعمالها في الشعر ولا يعاب مستعملها، كقول أبي الطيب أيضًا:

ومهمهٍ جبته على قدمي ... تعجز عنه العراميس الذلل٤

فإنه جمع هذه اللفظة، ولا بأس بها، ولو استعملت في الكلام المنثور لما طابت ولا ساغت, وقد جاءت موحدة في شعر أبي تمام٥ كقوله:

هي العرمس الوجناء وابن ملمَّةٍ ... وجأشٌ على ما يحدث الدهر خافض٦

وكذلك ورد قوله أيضًا:

يا موضع الشدنية الوجناء٧


١ اقمطرَّ: اشتد.
٢ ديوان المتنبي ٢/ ١٧١ من قصيدة يمدح بها أبا الفضل محمد بن العميد، ومطلعها:
بادهواك صبرت أم لم تصبرا ... وبكاك إن لم يجر دمعك أو جرى
٣ الكنهور: العظيم المتكاثف.
٤ ديوان المتنبي ٣/ ٢١١، والمهمه: ما بعد من الأرض واتَّسع، جبته: قطعته، العرامس: النوق الصلاب الشديدة، الذلل: المذللة بالعمل، والبيت من قصيدة يمدح بها بدر بن عمار، ومطلعها:
أبعد نيل المليحة البخل ... في البعد ما لا تكلف الإبل
٥ ديوان أبي تمام ١٨٤ من قصيدة يمدح بها دينار بن عبد الله، ومطلعها:
مهاة النقا لولا الشوى والمآبض ... وإنَّ محض الإعراض لي منك ماحض
٦ في الأصل "وحاش"، وفي الديوان "هي الحرة الوجناء", والوجناء: العظيمة الوجنتين.
٧ صدر مطلع القصيدة وعجزه:
ومصارع الإدلاج والإسراء
الإيضاع ضرب من السير أو التسيير، والشدنية: الناقة الكريمة، نسبة إلى شدن بلد مشهور بالإبل الكرام.

<<  <  ج: ص:  >  >>