للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأيامنا مشهورةٌ في عدونا ... لها غررٌ مشهورةٌ١ وحجول

وأسيافنا في كل غربٍ ومشرقٍ ... بها من قراع الدارعين٢ فلول

مُعَوَّدَةٌ إلّا تسلَّ نصالها ... فتُغْمَد حتَّى يُسْتَبَاح قتيل

فإذا نظرنا إلى ما تضمنته من الجزالة خلناها زُبَرًا من الحديد، وهي مع ذلك سهلة مستعذبة غير فظة ولا غليظة.

وكذلك قد ورد للعرب في جانب الرِّقَّة من الأشعار ما يكاد يذوب لرقته، كقول عروة بن أذينة٣:

إن التي زعمت فؤادك ملها ... خُلِقَت هواك كما خُلِقتَ هوىً لها

بيضاء باكرها النعيم فصاغها ... بلباقةٍ فأدقَّها٤ وأجلها

حجبت تحيَّتها فقلت لصاحبي: ... ما كان أكثرها لنا وأقلها

وإذا وجدت لها وساوس سلوةٍ ... شفع الضمير إلى الفؤاد٥ فسلَّها

وكذلك ورد قول الآخر٦:

أقول لصاحبي والعيس تهوي٧ ... بنا بين المنيفة فالضَّمار٨


١ رواية ديوان الحماسة "معلومة", والحجول جمع حجل، وهو هنا البياض يكون في قوائم الفرس، والكلام على التشبيه.
٢ القراع والمقارعة المضاربة، والدَّارعون أصحاب الدروع، والفلول جمع فل، وهو الثلم في حد السيف.
٣ اسمه يحيى بن مالك, أحد بني ليث بن بكر بن عبد مناة، وهو شاعر غزل مقدم من شعراء المدينة، ومعدود في الفقهاء والمحدثين، روى عنه مالك بن أنس، والأبيات في ديوان الحماسة ٢/ ٦٣ وفي أمالي القالي ١/ ١٥٦.
٤ رواية الأمالي "بلباقة فأرقها".
٥ الوساوس خطرات النفس -والمعنَى أن النَّفس إذا حدَّثتني بالسلو عنها كان ضميري الشفيع إلى إخراج وساوس السلو من نفسي, ورواية الأمالي "شفع الضمير لها إلي فسلها".
٦ الأبيات الخمسة الأولى في أمالي القالي ١/ ٣٢ وفي حماسة أبي تمام ٢/ ٦٥ وهي غير منسوبة فيهما.
٧ رواية الأمالي "تخدى".
٨ المنيفة: ماء لبني تميم، والضمار: اسم موضع، قال التبريزي: وكان حق العطف في قوله: "فالضمار" أن يكون بالواو، لأن "بين" لا تدخل إلّا بين شيئين متباينين، إلّا إذا أريد بين أجزاء المنيفة.

<<  <  ج: ص:  >  >>