للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي اللغة من هذا شيء كثير، فكيف يجعل هذا القسم من المجاز?

ولا شك أن الغزالي نظر إلى الضدين لا يجتمعان في محل واحد، فقاس الاسم على الذات، وظن أن الذاتين لا يجتمعان في اسم واحد، كما أنهما لا يجتمعان في محل واحد.

فإن قيل: لا نسلم إن اللفظ المشترك حقيقة بالوضع في المعنيين معًا؛ لأن ذلك يخل بفائدة الوضع الذي هو البيان، وإنما هو حقيقة في أحد معنييه، مجاز في الآخر!

فالجواب عن ذلك: أن هذا الموضع تقدم الكلام عليه في الفصل الثاني من مقدمة الكتاب، وهو الفصل الذي يشمل على آلات علم البيان وأدواته، فليؤخذ من هناك، فإني قد أشبعت القول فيه إشباعًا لا مزيد عليه١.

القسم العاشر: تسمية الشيء بفعله

كتسمية الخمر "مسكرًا".

وهذا القسم داخل في القسم الأول، وأي مشاركة أقرب من هذه المشاركة? فإن الإسكار صفة لازمة للخمر، وليست الشجاعة صفة لازمة لزيد؛ لأنه يمكن أن يكون زيد ولا شجاعة، ولا يمكن أن يكون خمر، ولا إسكار ألا ترى أنها لم تسم خمرًا إلا لإسكارها، فإنها تخمر العقل: أي تستره؟

القسم الحادي عشر: تسمية الشيء بكله

كقولك في جواب: "ما فعل زيد"؟ القيام، والقيام: جنس يتناول جميع أنواعه. وهذا القسم لا ينبغي أن يوصل بأقسام المجاز؛ لأن القيام لزيد حقيقة.

فإن قيل: إن القيام يشمل جميع أنواع القيام من الماضي، والحاضر والمستقبل.

قلت: وهذا من أقرب أقسام المجاز مناسبة؛ لأنه إقامة للمصدر مقام الفعل الماضي، والمصدر أصل الفعل، وعلى هذا فإن هذا داخل في القسم الأول.


١ انظر صفحة ٤٠، وما بعدها من القسم الأول من هذا الكتاب.

<<  <  ج: ص:  >  >>