١٩٥ - حَدَّثَنَا حَبِيبُ بْنُ الْحَسَنِ قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ: فَحَدَّث عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ حَدِيثَ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: هَلْ تَدْرِي مَا قَوْلُ النَّجَاشِيِّ: مَا أَخَذَ اللَّهُ مِنِّي الرِّشْوَةَ حِينَ رَدَّ عَلَيَّ مُلْكِي فَآخُذَ الرِّشْوَةَ فِيهِ وَمَا أَطَاعَ النَّاسُ فِيَّ حَتَّى أُطِيعَهُمْ فِيهِ؟ قَالَ: قُلْتُ: لَا قَالَ: فَإِنَّ عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ حَدَّثَتْنِي أَنَّ أَبَاهُ كَانَ مَلِكَ قَوْمِهِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ إِلَّا النَّجَاشِيَّ وَكَانَ لِلنَّجَاشِيِّ عَمٌّ لَهُ مِنْ صُلْبِهِ اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا وَكَانُوا أَهْلَ بَيْتِ مَمْلَكَةِ الْحَبَشَةِ فَقَالَتِ الْحَبَشَةُ بَيْنَهَا: لَوْ أَنَّا قَتَلْنَا أَبَا النَّجَاشِيِّ فَإِنَّهُ لَا وَلَدَ لَهُ غَيْرُ هَذَا الْغُلَامِ وَمَلَّكْنَا أَخَاهُ فَإِنَّ لَهُ مِنْ صُلْبِهِ اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلًا فَيَتَوَارَثُونَ مُلْكَهُ مِنْ بَعْدِهِ بَقِيَتِ الْحَبَشَةُ بَعْدَهُ دَهْرًا فَعَدَوْا عَلَى أَبِي النَّجَاشِيِّ فَقَتَلُوهُ وَمَلَّكُوا أَخَاهُ فَمَكَثُوا عَلَى ذَلِكَ حِينًا وَنَشَأَ النَّجَاشِيُّ مَعَ عَمِّهِ وَكَانَ لَبِيبًا حَازِمًا مِنَ الرِّجَالِ فَغَلَبَ عَلَى أَمْرِ عَمِّهِ وَنَزَلَ مِنْهُ كُلَّ مَنْزِلَةٍ فَلَمَّا رَأَتِ الْحَبَشَةُ مَكَانَهُ مِنْهُ قَالَتْ بَيْنَهَا: وَاللَّهِ لَقَدْ غَلَبَ هَذَا الْفَتَى ⦗٢٥١⦘ عَلَى عَمِّهِ وَإِنَّا لَنَتَخَوَّفُ أَنْ يُمَلِّكَهُ عَلَيْنَا وَلَئِنْ مَلَّكَهُ عَلَيْنَا لَيَقْتُلَنَا أَجْمَعِينَ؛ لَقَدْ عَرَفَ أَنَّا قَتَلْنَا أَبَاهُ فَمَشَوْا إِلَى عَمِّهِ فَقَالُوا لَهُ: إِمَّا أَنْ تَقْتُلَ هَذَا الْغُلَامَ وَإِمَّا أَنْ تُخْرِجَهُ مِنْ بَيْنِ أَظْهُرِنَا؛ فَإِنَّا قَدْ خِفْنَاهُ عَلَى أَنْفُسِنَا فَقَالَ: وَيْلَكُمْ قَتَلْتُمْ أَبَاهُ بِالْأَمْسِ وَأَقْتُلُهُ الْيَوْمَ؟ لَا بَلْ أَخْرِجُوهُ مِنْ بِلَادِكُمْ قَالَتْ: فَخَرَجُوا بِهِ إِلَى السُّوقِ فَبَاعُوهُ مِنْ رَجُلٍ مِنَ التُّجَّارِ بِسِتِّمِائَةِ دِرْهَمٍ ثُمَّ قَذَفَهُ فِي سَفِينَةٍ فَانْطَلَقَ بِهِ حَتَّى إِذَا كَانَ الْعِشَاءُ مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ هَاجَتْ سَحَابَةٌ مِنْ سَحَابِ الْخَرِيفِ فَخَرَجَ عَمُّهُ يَسْتَمْطِرُ تَحْتَهَا فَأَصَابَتْهُ صَاعِقَةٌ فَقَتَلَتْهُ قَالَتْ: فَفَزِعَتِ الْحَبَشَةُ إِلَى وَلَدِهِ فَإِذَا هُمْ حُمْقٌ لَيْسَ فِي وَلَدِهِ خَيْرٌ فَمَرَجَ عَلَى الْحَبَشَةِ أَمْرُهُمْ فَلَمَّا ضَاقَ عَلَيْهِمْ مَا هُمْ فِيهِ مِنْ ذَلِكَ قَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: تَعْلَمُونَ وَاللَّهِ أَنَّ مَلِكَكُمُ الَّذِي لَا يُقِيمُ أَمْرَكُمْ غَيْرُهُ الَّذِي بِعْتُمْ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ بِأَمْرِ الْحَبَشَةِ حَاجَةٌ فَأَدْرِكُوا الْغُلَامَ قَالَتْ: فَخَرَجُوا فِي طَلَبِهِ وَطَلَبِ الرَّجُلِ الَّذِي اشْتَرَاهُ فَأَدْرَكُوهُ فَأَخَذُوهُ ثُمَّ جَاءُوا بِهِ فَعَقَدُوا عَلَيْهِ التَّاجَ وَأَقْعَدُوهُ عَلَى سَرِيرِ الْمَمْلَكَةِ فَمَلَّكُوهُ فَجَاءَهُمُ التَّاجِرُ الَّذِي كَانُوا بَاعُوهُ مِنْهُ فَقَالَ لَهُمْ: إِمَّا أَنْ تُعْطُونِي مَالِي وَإِمَّا أَنْ أُكَلِّمَهُ قَالُوا: فَدُونَكَ قَالَتْ: فَجَاءَهُ فَجَلَسَ بَيْنَ يَدَيْهِ فَقَالَ: أَيُّهَا الْمَلِكُ ابْتَعْتُ غُلَامًا مِنْ قَوْمٍ فِي السُّوقِ بِسِتِّمِائَةِ دِرْهَمٍ فَأَسْلَمُوا إِلَيَّ غُلَامِي وَأَخَذُوا دَرَاهِمِي حَتَّى إِذَا سِرْتُ بِغُلَامِي أَدْرَكُونِي فَأَخَذُوا غُلَامِي وَمَنَعُونِي دَرَاهِمِي فَقَالَ: إِمَّا تَرُدُّونَ عَلَيْهِ دَرَاهِمَهُ أَوْ لِيُسْلَمَنَّ إِلَيْهِ غُلَامُهُ يَدُهُ فِي يَدِهِ فَلْيَذْهَبَنَّ بِهِ حَيْثُ يَشَاءُ قَالُوا: بَلْ نُعْطِيهِ دَرَاهِمَهُ قَالَتْ: فَلِذَلِكَ يَقُولُ: مَا أَخَذَ اللَّهُ مِنِّي الرِّشْوَةَ حِينَ رَدَّ عَلَيَّ مُلْكِي فَآخُذَ الرِّشْوَةَ فِيهِ وَمَا أَطَاعَ النَّاسَ فِيَّ فَأُطِيعَ النَّاسَ فِيهِ فَكَانَ ذَلِكَ أَوَّلَ مَا اخْتُبِرَ مِنْ صَلَابَتِهِ فِي دِينِهِ وَعَدْلِهِ فِي حُكْمِهِ "
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute