٥٤٧ - حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرِو بْنُ حَمْدَانَ قَالَ: ثنا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ ثنا أَبُو كُرَيْبٍ قَالَ: ثنا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ قَالَ: ثنا عَبْدُ الْمُؤْمِنِ بْنُ خَالِدٍ الْحَنَفِيُّ ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ الْأَسْلَمِيُّ، عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ الدُّؤَلِيِّ قَالَ ⦗٦٠١⦘: قُلْتُ لِمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ: أَخْبِرْنِي عَنْ قِصَّةِ الشَّيْطَانِ قَالَ: جَعَلَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى تَمْرِ الصَّدَقَةِ , فَكُنْتُ أَدْخُلُ الْغُرْفَةَ فَأَجِدُ فِي التَّمْرِ نُقْصَانًا فَذَكَرْتُهُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إِنَّ الشَّيْطَانَ يَأْخُذُ قَالَ: وَدَخَلْتُ الْغُرْفَةَ وَأَغْلَقْتُ الْبَابَ عَلَيَّ فَجَاءَ سَوَادٌ عَظِيمٌ فَغَشِيَ الْبَابَ ثُمَّ دَخَلَ مِنْ شَقِّ الْبَابِ فَتَحَوَّلَ فِي صُورَةِ فِيلٍ فَجَعَلَ يَأْكُلُ فَشَدَدْتُ ثَوْبِي عَلَى وَسَطِي فَأَخَذْتُهُ فَالْتَقَتْ يَدَايَ عَلَى وَسَطِهِ وَقُلْتُ: يَا عَدُوَّ اللَّهِ مَا أَدْخَلَكَ بَيْتِي تَأْكُلُ التَّمْرَ؟ قَالَ: أَنَا شَيْخٌ كَبِيرٌ فَقِيرٌ ذُو عِيَالٍ وَقَدْ كَانَتْ لَنَا هَذِهِ الْقَرْيَةُ قَبْلَ أَنْ يُبْعَثَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَاحِبُكُمْ فَلَمَّا بُعِثَ أُخْرِجْنَا مِنْهَا وَنَحْنُ مِنْ جِنِّ نَصِيبِينَ خَلِّ عَنِّي؛ فَإِنِّي لَنْ أَعُودَ إِلَيْكَ , وَجَاءَ جَبْرَئِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَأَخْبَرَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخَبَرِهِ فَلَمَّا صَلَّى الْغَدَاةَ نَادَى مُنَادِيهِ: أَيْنَ مُعَاذٌ مَا فَعَلَ أَسِيرُكَ؟ فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ: أَمَا إِنَّهُ سَيَعُودُ إِلَيْكَ. فَجِئْتُ الْغُرْفَةَ لَيْلًا وَأَغْلَقْتُ الْبَابَ فَجَاءَ فَجَعَلَ يَأْكُلُ التَّمْرَ فَقَبَضْتُ يَدَايَ عَلَيْهِ فَقُلْتُ: يَا عَدُوَّ اللَّهِ قَالَ: إِنِّي لَنْ أَعُودَ إِلَيْكَ بَعْدُ قَالَ: قَدْ قُلْتَ إِنَّكَ لَا تَعُودُ قَالَ: إِنِّي أُخْبِرُكَ بشَيْءٍ إِذَا قُلْتَهُ لَمْ يَدْخُلِ الشَّيْطَانُ الْبَيْتَ: {لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ} إِلَى آخِرِ السُّورَةِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ قِصَّةِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَعَ الشَّيْطَانِ. فَإِنْ قُلْتَ: فَإِنَّ سُلَيْمَانَ كَانَ يُسَخِّرُ الشَّيْطَانَ لِأُمُورِ الدُّنْيَا فَكَانُوا ⦗٦٠٢⦘ يَعْمَلُونَ لَهُ كَمَا ذَكَرَ اللَّهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ فِي قُلَلِ الْجِبَالِ وَبُطُونِ الْأَوْدِيَةِ وَالْبِحَارِ. فَالْقَوْلُ فِيهِ: إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ تَمَنَّى تَسْخِيرَهُمْ لَمَا امْتَنَعُوا عَلَيْهِ؛ وَلَكِنِ اخْتَارَ الْعَبُودِيَّةَ مَعَ النُّبُوَّةِ لَمَّا خَيَّرَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ مَلِكًا رَسُولًا أَوْ عَبْدًا نَبِيًّا فَأَكَبَّ الدُّنْيَا عَلَى وَجْهِهَا , وَزَهِدَ فِيهَا فَسُخِّرَتْ لَهُ غَيْرَ أَهْلِهَا فَكَانَتِ الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ أَنْصَارَهُ وَأَعْوَانَهُ وَأُنَّاسَهُ يُقَاتِلُونَ بَيْنَ يَدَيْهِ فِي الْحُرُوبِ كِفَاحًا وَيَمْنَعُونَ عَنْهُ وَيُدَافِعُونَ دُونَهُ وَضَرَبَ لَهُ جَبْرَئِيلُ بِجَنَاحَيْهِ لَمَّا تُوُفِّيَ النَّجَاشِيُّ الْجِبَالَ حَتَّى قَامَ فَصَلَّى عَلَيْهِ هُوَ وَأَصْحَابُهُ وَهُوَ يَنْظُرُ إِلَيْهِ وَكَذَلِكَ لَمَّا تُوُفِّيَ مُعَاوِيَةُ بْنُ مُعَاوِيَةَ ضَرَبَ بِجَنَاحَيْهِ رَفَعَ لَهُ جَنَازَةَ مُعَاوِيَةَ حَتَّى نَظَرَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَأَمَّا مَنْعُ جَبْرَئِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَدَفْعُهُ عَنْهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا تَوَاعَدَتْ قُرَيْشٌ عَلَى أَخْذِهِ وَحَبْسِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute