للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإليك الألفاظ الستة، ونواحي استعمالها:

١- مَن١: أكثر استعمالها في العقلاء، نحو: خير إخوانك من واسَاك، وخَيْرٌ منه مَن كَفَاك شَرَّه. وقول الشاعر:

ولا خيْرَ فيمن لا يُوَطِّن نفسَهُ ... على نائبات الدهر حين تنوبُ

وتكون للمفرد بنوعيه، والمثنى والجمع بنوعيهما: تقول: غاب من كتب، ومن كتبتْ - ومن كَتَبَا، ومن كتَبَتَا، ومن كتبوا، ومن كتبْن.

وقد تستعمل في غير العقلاء في الأحوال الآتية:

أ- إذا كان الكلام يدور فى شىء له أنواع متعددة، مفصلة بكلمة: "مَنْ" وفى تلك الأنواع العاقل وغيره، مثل: الحيوانات كثيرة مختلفة؛ فيها من ينطق بفصيح الكلام؛ كالإنسان، ومن يغرد بصوت عذب؛ كالبلبل، ومن يصيح بصوت منكر؛ كالبومة.... ومن الأمثلة قوله تعالى٢ {وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ....}

ب- إذا وقع٣ مِنْ غير العاقل أمر لا يكون إلا من العقلاء؛ فعندئذ نشبهه بهم، وننزله منزلتهم٤ فى استعمال: "مَن". كأن تسمع البلبل يشدوبلحن شَجِىّ واضح التنغيم، فتقول: أطربنى "مَنْ" يغنى فى عشه بأطيب الأناشيد. وكأن ترى القمر يشرف عليك كإنسان ينظر إليك: فتقول: إن من يُطِل علينا من برجه العالى بين الكواكب والنجوم يصغى إلى مناجاتى وهمسى ... وكالغريب الذى يقول للطيور المسافرة: هل فيكن من يحمل سلامى إلى أهلى وخُلاَّنىِ ...

ج- أن يكون مضمون الكلام متجهًا إلى شيء يشمل العاقل وغيره، ولكنك تراعي أهمية العاقل؛ فتغلبه على سواه. مثل: أيها الكون العجيب، من فيك ينكر قدرة الله الحكيم؟.


١ يتردد ذكرها أحيانًا في اصطلاح النحاة باسم: "من المعرفة الناقصة" "لاحتياجها لزومًا إلى الصلة التي تتمم معناها". يريدون: "من" التي هي اسم موصول. ومثلها: "ما" الموصولة، حيث يطلق عليها اسم. ما" المعرفة الناقصة، كما سيجيء في رقم١ من هامش ص٣٥١.
٢ في سورة النور.
٣ ولو تخيلًا منا، وتنزيلا له منزلة الذي يحصل....
٤ لبيان ذلك: أنه متى نسب إلى غير العاقل شيء لا ينسب "نفيا أو إثباتا" إلا إلى العاقل أجرينا عليه حكمه من غير نظر لرأي المتكلم، أو المخاطب، أو غيرهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>