للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

{عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا} وأما غير الله عز وجل فإنه لا يصح أن يكون عالما بكل معلوم فلم يصح أن يكون له علم بذلك، فالله سبحانه وتعالى يجب كونه عالما بكل معلوم وكذلك يجب أن يكون علمه علما بكل ما يصح أن يعلم. والكلام في سائر الصفات الذاتية كالكلام في العلم، ولا يجوز في شيء من ذلك أن يقال إنه يجاوره (١) لأن المجاورة تقتيها المماسة أو القاربة في المكان، وذلك (٢) صفة للأجسام التي هي محل الحوادث، ولا يقال إنها تحله، لأن الحلول يقتضي المجاورة وقد قامت الدلالة على بطلانها، ولا يقال إنها تخالفه أو تفارقه، لأن المفارقة والمخالفة فرع للغيرية والتغاير بينه وبين صفاته محال، ولا يقال إنه ملكه، لأن ما يملك يصح أن يفعل، وصفاته أزلية لا يصح أن تفعل، ولا يقال في صفات ذاته إنها في أنفسها مختلفة لا متفقة لأنها ليست بمتغايرة.

ولا يقال إنها مع الله أو في الله بل هي مختصة بذاته قائمة به لم يزل كان (٣) موصوفا بها ولا يزال هو موصوفا بها. وللّه تعالى صفات خبرية (٤) منها الوجه واليد وطريق إثباتها ورود خبر الصادق بها فنثبتها ولا نكيفها، وأما صفات الفعل كالخلق والرزق فإنها أغيار (٥) وهي فيما لا يزال ولا يصح وصفه بها في الأزل، وأبى المحققون من أصحابنا أن يقولوا (فى) (٦) اللّه جل ثناؤه أنه لم يزل خالقا ورازقا، ولكن يقولون: خالقنا لم يزل ورازقنا لم يزل قادرا على الخلق والرزق، لأنه لم يخلق في الأزل ثم خلق، وإذا سمي خالقا بعد وجود الخلق لم يوجب ذلك تغيرا في ذاته كما أن الرجل إذا سمي أبا بعد أن لم يسم أبا لم يوجب ذلك تغيرا في نفسه ومن أصحابنا من قال: يجوز القول بأنه لم يزل خالقا رازقا على معنى أنه سيخلق وسيرزق وبالله التوفيق.


(١) كذا في الأصل. و (ن) وفي المطبوعة "يحاوزه".
(٢) في الأصل "كذلك".
(٣) زيادة من الأصل.
(٤) راجع "الاعتقاد" (ص ٤٠).
(٥) في المطبوعة "اعتبار".
(٦) زيادة يقتضيها السياق.

<<  <  ج: ص:  >  >>