للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولو كان الإنسان كالريشة المعلقة في الفضاء يحركها الهواء كيف يشاء بدون أن يكون له أدنى حرية أو إرادة ما استدعى الأمر إنزال كتب ولا إرسال رسل، لأن الحرية والإرادة والاختيار منتفية أصلا، فيكون إنزال الكتب وإرسال الرسل وترتيب الجزاء على العمل بالسعادة في الدنيا والآخرة لمن أطاع، والشقاء فيهما لمن عصى وكفر.

يكون كل ذلك شبه العبث الذي لا فائدة فيه، والعبث محال على الله تعالى، فثبت أن للإنسان حرية واختيارا بدليل إنزال الله الكتب وإرساله الرسل وترتيب الجزاء على ما يفعله الإنسان بعد ذلك.

والله تعالى خلق الكون وما فيه ومن فيه وجعل له سننا وقوانين ونظما يسير عليها، ومن

ويحكمه قانون السببية. والإنسان جزء من هذا الكون فهو خاضع لهذا القانون في أمور دنياه وأمر دينه على السواء.

قال تعالى: {سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً (٢٣)}

وقد جرت سنة الله بالنسبة للزارع والصانع والتاجر وكل عامل أن يقوم أحد هؤلاء بعمل معين فيترتب عليه آثار معينة.

فالزارع مثلا يشق الأرض ويبذر الحب ويروي بالماء، فإذا فعل ذلك وكانت الأرض طيبة والبذرة صالحة والآفة ممنوعة فإن الله تعالى يخلق من البذرة النبات ثم الثمرة وهكذا ...

ولو أن الفلاح نظر إلى أن رزقه مقدر، وأن ما كتب له منه لا بد واصل إليه، ثم جلس في بيته لا يحرث ولا يزرع ما حصد إلا البؤس والشقاء.

<<  <   >  >>