... جاءت الشريعة الإسلامية وقت اكتمال الإنسان في الإدراك، وتفهم المصالح والمنافع، فاقتضت حكمة الله تعالى أن تكون هذه الشريعة صالحة لجيمع البشر في كل زمان ومكان، كفيلة بإسعاد المجتمع العالمي كله إذا أخذ بها، لأنها عالجت جميع احتياجاته، ووضعت الحلول لجيمع مشكلاته إما عن طريق التفصيل وإما عن طريق الإجمال وترك التفصيل للعقل البشري يتصرف فيه حسب موازين الشرع وأصوله ... قال تعالى:{ونزلنا عليك الكتاب تبياناً لكل شيء وهدىً ورحمةً وبشرى للمسلمين}[النمل: ٨٩]. لذلك أصبحت البشرية بعد إرسال محمد صلى الله عليه وسلم إليها ونزول القرآن الكريم ليكون هادياً لها وتشريعاً حريصاً على سعادتها غير محتاجة إلى نبي أو رسول غيره، إنها محتاجة فقط إلى أن تجتهد فيما يحدث من أمور لا نص فيها، وقد أعطاها القرآن حق الاجتهاد اعترافاً منه ببلوغها رشدها فقال تعالى:{ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم}[النساء: ٨٣]. ومن أجل هذا أعلن القرآن أن النبوة قد ختمت بمحمد صلى الله عليه وسلم فلا نبي بعده وبالتالي فلا رسول بعده لأن نفي النبوة نفي للرسالة كما مر. قال تعالى:{ما كان محمد أبا أحد من رجالكم، ولكن رسول الله وخاتم النبيين}[الأحزاب: ٤٠].