للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والإسلام بهذا المعنى محله ظاهر الإنسان وباطنه، لأن الإذعان بالدين والرضى به أمر باطني، والخضوع لأحكامه أمر ظاهري. وعلى هذا فالإسلام أعم من الإيمان، والإيمان أخص من الإسلام. والإيمان باطني فقط، والإسلام ظاهري وباطني.

ونحن نحكم على الناس بالإسلام حين يكونون مذعنين ظاهرا لأحكام الله، غير رافضين لها، بمعنى أن أعمالهم وأقوالهم وتصرفاتهم لا تدل على رفضها وعدم الإذعان لها. أما بواطنهم فلا يعلمها إلا الله تعالى الذي لا تخفى عليه خافية. ولذلك فضح الله أناسا أظهروا الإسلام وأبطنوا الكفر في قوله تعالى: {قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ} (١)

الخلاصة

وحسبما فهمت من معنى الإيمان والإسلام تدرك أن بين الإيمان والإسلام حسب الحقيقة الشرعية المنجية تلازما مقتضاه أن كل مؤمن مسلم، وكل مسلم مؤمن، لأن المصدق التصديق المذكور للرسول (صلى الله عليه وسلم) لا بد من أن يكون خاضعا لما جاء به عليه السلام. والخاضع هذا الخضوع لا بد من أن يكون مصدقا هذا التصديق.

لذلك ذكر الإيمان والإسلام في القرآن بمعنى واحد في قوله تعالى:

{فَأَخْرَجْنَا مَن كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (٣٥) فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِّنَ الْمُسْلِمِينَ (٣٦)} (٢)


(١) الحجرات: ١٤.
(٢) الذاريات:٣٥ - ٣٦.

<<  <   >  >>