ويؤسفني أن أجد الكتاب الإسلاميين قد وقع كثير منهم في غلطة فهم الضمير والكلام عليه حسب آراء الفلاسفة، ولم يفكر فيما وضعه كتاب الله وسنته من أسس للرقابة على أعمال الإنسان وأقواله.
إن الفتاة التي تربت في مدرسة الإسلام خير من جميع العلماء والفلاسفة الذين فتن بهم المسلمون ... إنها حين قالت لها أمها: قومي اخلطي اللبن بالماء لتبيعه. قالت لأمها: إن أمير المؤمنين نهى عن ذلك، فلما قالت الأم: إن أمير المؤمنين لا يرانا. قالت الفتاة:"ولكن الله يرانا" أرأيت أجمل من هذا وأوقع منه في النفس؟.
وجاء في الحديث الصحيح أن ابنة عم أحد الفتيان في الزمن الغابر أصابتها حاجة وشدة فقر، فطلبت من ابن عمها الغني مساعدتها، فأبى إلا إذا مكنته من نفسها، فأبت أول الأمر ثم رضيت بعد أن عضها الجوع، فلما تمكن منها قالت له:"اتق الله ولا تفض الخاتم إلا بحقه" فأثرت فيه الكلمة ... كلمة "الله" فانصرف عنها وترك لها المال. فهل نجد مثل هذا أو قريباً عند المتكلمين عن الضمير من خلال الفلسفة بعيداً عن الشرع؟.
لقد أردت بذكر الضمير هنا تصحيح خطأ شائع، وتنبيه شبابنا إلى الدقة في التعبير عن الأشياء.
والأصل في الإنسان المسلم أن رقابته لله، وخوفه منه، واستسلامه النفسي لأحكامه هي التي تحكم تصرفاته، وتهيمن على جميع شئونه، وتضبط كل أنواع سلوكه وأخلاقه.
والأصل في المنهج الإسلامي أن يربي المسلم على العقيدة الحية، ويصله بالله صلة وثيقة، ثم يلقي إليه بجميع التعليمات والتوجيهات، والأوامر والنواهي ليكون بالعقيدة أميناً على تنفيذ ما يلقى إليه.
وأي قارئ في تاريخ الإسلام، والمسلمين .. يجد ثروة أخلاقية لا مثيل لها، سواء في حياة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، أو في حياة أصحابه