للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا (٣٤) وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذَا كِلْتُمْ وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا (٣٥) وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا (٣٦) وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا (٣٧) كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا} .

أي سمو بالنفس كذا السمو، وأي كمال لها كهذا الكمال، وأي طهر للذيل كذا الطهر! إن كل آية من هذه الآيات ليقف قارئها أمامها، مقدسا لما جمعت من القوة والروعة وسحر البيان وسمو المعنى والإعجاز في التصوير. وليت المقام هنا يتسع لهذه الوقفات!.. ولكن كيف يتسع الحديث عما تنطوي عليه هذه الآيات الست عشرة جدير بأن يستوعب مؤلفاً ضخماً.

[(ب) القرآن وأدب النفس:]

ولو شئنا أن نجئ بطرف مما في القرآن في أدب النفس، وتهذيب الأخلاق لا نفسح المجال إلى ما لا تنفسح له خاتمة الكتاب وحسبنا أن نذكر أنه ما خص كتاب على الخير والفضل ما خص القرآن، وما سما كتاب بالنفس الإنسانية ما سما بها القرآن، وما تحدث كتاب عن البر والرحمة، وعن الإخاء والمودة، وعن التعاون والوفاق، وعن الصدقة والإحسان، وعن الوفاء وأداء الأمانة، وعن سلامة القلب وصدق الطوية، وعن العدل والمغفرة، وعن الصبر والثبات، وعن التواضع والإذعان، وعن الخير والمعروف، وعن الامر بالمعروف والنهي عن المنكر بالقوة والإقناع والإعجاز في الأداء، ما تحدث القرآن. وما نهى كتاب عن الضعف والجبن وعن الأثرة والحسد، وعن البغض والظلم، وعن الكذب والنميمة، وعن التبذير والبخل، وعن الاعتداء والإفساد، وعن البهتان واللمز، وعن الغدر والخيانة، وعن كل رذيلة ومنكر، ما نهى القرآن، وبالقوة والاقناع والإعجاز التي نزل بها الوحي على النبي العربي.

وما من سورة تتلوها إلا وجدت فيها من الدعوة إلى الخير، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر والتوجه إلى الكمال ما تسمو به نفسك غاية السمو. اسمع إلى قوله تعالى في التسامح:

<<  <   >  >>